أنه أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك ، فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية للصورة وجعلوها عين الصورة ، وما فعلوا بل جعلوا الهوية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة والحكم لأنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) أي فعدلوا إلى الصورة الناسوتية البشرية من الله من جهة أنه أحيا الموتى بالتضمين : أي بأن جعلوه تعالى في ضمن الصورة الناسوتية وذلك عين الحلول بقولهم : أي فعدلوا بقولهم ابن مريم وهو كما قالوا ابن مريم ، لكن السامع تخيل أنهم نسبوا الألوهية إلى الصورة وجعلوها عين الصورة ، وهم لم يفعلوا ذلك بل حصروا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة المسيحية والحكم عليها بالإلهية بهو الذي الفصل ، فأفاد كلامهم الحصر لا أنهم جعلوا صورة المسيح عين الحكم عليها بالإلهية ، والظاهر أن الشيخ استعمل الحكم بمعنى المحكوم عليه ليطابق تفسيره الآية ، فإن الله في الآية محكوم عليه والمسيح هو المحكوم به . وقد يستعمل الحكم كثيرا بمعنى المحكوم به فلا حرج أن يستعمل بمعنى المحكوم عليه للملابسة ، وأراد أنهم أرادوا حلول الحق في صورة عيسى فأخطئوا في العبارة المتوهمة للحصر فهم السامع أنهم يقولون إن الله هو صورة عيسى ، وهم يقولون بالفصل أي بالفرق ، وهو أن الله في صورة عيسى ، فمعناه حل الحق في عيسى ابن مريم فالحكم على هذا حلول الله ( كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ففصل بين الصورة والنفخ ، وكان النفخ من الصورة فكانت ولا نفخ فما هو النفخ من حدها الذاتي ) أي جعلوا الهوية الإلهية في صورة بشرية ففصلوا بينهما كما فصل بين الصورة والنفخ بأن جبريل كان في الصورة البشرية ولا نفخ وكان النفخ ، فليس النفخ من ذاتيات الصورة ، فكذلك كانت الهوية قبل النفخ فليس النفخ من ذاتيات الصورة ، فكذلك كانت الهوية الإلهية متحققة بدون الصورة العيسوية قبلها ، وكذلك كانت الصورة العيسوية متحققة قبل إحياء الموتى المنسوب إلى الإلهية ، فليست إحداهما ذاتية للأخرى ، لا الصورة العيسوية للهوية الإلهية ولا الإحياء المنسوب إلى الإلهية للصورة العيسوية ( فوقع الخلاف لذلك بين