متحولا عن الطينة البشرية إلى الجوهر النوري ، ولكان يقال فيه إنه عيسى بحسب الهيئة البشرية ليس بعيسى بحسب الجوهر النوري ، فتقع فيه الحيرة من الناظرين ولم تتحقق فائدة الإعجاز ( كما وقعت في العاقل عند النظر الفكرى إذا رأى شخصا بشريا يحيى الموتى ، وهو من الخصائص الإلهية إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا إذ يرى الصورة بشرا للأثر الإلهي ) أي لكانت الحيرة واقعة في أنه عيسى أو ليس عيسى كما وقعت ، مع كونه غير متحرك لا في صورته ولا في طينته من العقلاء بحسب النظر الفكرى ، حين رأوا شخصا بشريا لا شك فيه صدر عنه خاصية إلهية هي إحياء الموتى إحياء النطق والدعاء ، يعنى إحياء بالنطق والدعاء ، فكان يقول : قم حيا بإذن الله أو باسم الله أو باللَّه ، فيحيا ويجيبه فيما كلمه به ويقول لبيك إذا دعاه ، لا إحياء الحيوان الذي يمشى ويأكل ويبقى حيا مدة على ما روى في قصته أنه أحيا بنطقه سام بن نوح فشهد بنبوته ثم رجع إلى حالته ، فبقوا حائرين فيه كيف تصدر الآثار الإلهية من البشر ( فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول وأنه هو الله بما أحيا به من الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى ، فقال تعالى - * ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) * - فجمعوا بين الخطإ والكفر في تمام الكلام كله لا بقولهم هو الله ولا بقولهم ابن مريم ) أي فأدى النظر الفكرى إلى بقاء الناظر حائرا فأدى بعضهم في حق عيسى إلى القول بالحلول ، وأنه هو الله في صورة المسيح من حيث أحيا المسيح به الموتى ، فنسبوا في ذلك إلى الكفر لأنهم ستروا الله بصورة بشرة عيسى ، حيث توهموا أنه فيها فكفرهم الله تعالى بقوله - * ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) * - لأنهم بين الخطإ والكفر في تمام الكلام لا في أجزائه لأنهم لم يكفروا بحمل هو على الله لأن الله هو ، ولا بحمل الله عليه فيقولوا هو الله لأنه الله ، ولا بقولهم ابن مريم لأنه ابن مريم بل بحصر الحق في هوية المسيح ابن مريم وتوهمهم حلوله فيه ، والله ليس بمحصور في شيء بل هو المسيح وهو العالم كله ، فجمعوا بين الخطإ بالحصر وبين ستر الحق بصورة بشرة عيسى ( فعدلوا بالتضمين من الله من حيث