أي على أيّ شيء أو على أي أحد يرسل همته إذ ليس ثمة غيره ، ثم قال : فيمنعه ذلك ، والوجه الثاني ، وهو شهود أحدية المتصرف والمتصرف فيه كما يمنع من التصرف ، فقد يقتضي التصرف لأنه واقع في نفس الأمر ، إذ ليس في الوجود إلا الحق وحده والتصرف واقع ، فلو تصرف العارف بالأحدية المذكورة ما كان ذلك التصرف إلا للحق ولا سيما العبد الكامل ، فإنه هو الذي له جميع ما لله من حقائق الأسماء الإلهية ، وما للعبد من الصفات العبدانية بأحدية العين وإلا لم يكن كاملا ، لكن لا يكون ذلك بإرسال الهمة وتسليطها لئلا يضره ويخل بمقام العبودية بل بإظهار الحق ذلك منه ، وظهوره تعالى على مظهره بالتصرف من غير تعبد منه بذلك ، ولا إرسال همة ولا تسليط نفس ولا ظهورية ، فالمانع بالحقيقة هو الوقوف في مقام العبودية الذاتية ورد أمانة الربوبية العرضية إلى الله تأدبا بآداب أهل القرب فلا يتعدى للتصرف والتسخير ، ويتوجه بالكلية إلى الله الواحد الأحد المتفرد بالتدبير والتقدير . ( وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت ، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته ، فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضى أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ، كما قال الله تعالى - * ( ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ - يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ) * يعنى أن العارف في هذه الشهود وهو شهود أحدية العين مطلع على سر القدر يرى أن المنازع على صراط ربه ما عدل على علم الله منه وعما اقتضاه علمه في حال ثبوتها ، فليس هو نزاع في الحقيقة بل هو فيما يفعله كهذا العارف فيما يفعله ، والحجاب الحاجب للناس عن اطلاعهم على حقيقة الأمر اقتضى أن يسمى ذلك نزاعا لما بينهما من الخلاف ( وهو من المقلوب ، فإنه من قولهم - * ( قُلُوبُنا غُلْفٌ ) * - أي في غلاف وهو الكنّ الذي يستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه ، فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم ) وهو أي كونه نزاعا من باب المقلوب الذي قلبه أصحاب الحجاب من حقيقته لأنه وفاق لما كان عليه عينه في حال الثبوت ، ولكن لما كانت