كأنك تراه « في صورة المعتقد الذي عندك ، وقوله : والله في قبلة المصلى كذلك ، فذلك الحضور الخيالى هو شهيد ، فإذا قوى الاستحضار الخيالى وغلب الحال صار الشهود الخيالى مشهودا بالبصيرة ، فإذا صار أقوى وأكمل كان مشهودا بأحدية جمع البصر والبصيرة ، والنهاية مقام الولاية وهو شهود الحق ذاته بذاته فيكون الشاهد عين المشهود ( ومن قلد صاحب نظر فكرى وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع ، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ، ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية - فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم - * ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا ) * - والرسل لا يتبرؤن عن أتباعهم الذين اتبعوهم ) أي المقلد لصاحب النظر العقلي ليس الذي ألقى السمع ، لأن النظر العقلي يؤدى إلى تقييد حاصر للأمن فيما هو على خلاف الواقع ، وصاحبه مقيد للحق فيما ليس بمشهود ، فإذا قلده مقلد وألقى السمع إليه لم يبلغ من التقليد وإلقاء السمع إلى غايته من الشهود ، لأن المشهود الموجود غير منحصر بل مطلق هو عين كل معين فلم يك شهيدا لحضرة شهود نبيه ، ولا يعتقد الشهود لأن الفكر لا يقتضيه ، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الفكر في الله فليس هذا المقلد بمراد في الآية ، وأما المؤمن المعتقد للشهود فإنه يطلب الشهود أولا من طريق التخيل والتمثل ، ثم بالرؤية والتحقيق حتى يبلغ مقام الولاية في التوحيد ، ولهذا لا يتبرأ من أتباعهم لأنه دعاهم إلى الحق على بصيرة ، ويتبرأ المقيد عن أتباعهم لأنه دعاهم إلى خلاف الواقع من التقيد . ( فحقق يا ولى ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية ، وأما اختصاصها بشعيب ، أي شعبها لا تنحصر لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها ، أعنى الاعتقادات ) هذا وجه للاختصاص يناسب شعيبا باعتبار اسمه ، والمذكور في أول الفص يناسب باعتبار طريقته ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم ، وهو قوله - * ( وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) * - فأكثرها في الحكم كالمعتزلى يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ) هذا ظاهر مما مر من التجلي في صورة المعتقدات ، وأما التجلي في صور غير المعتقدات ،