يتقلب في تقاليب صور العالمين وحقائقها ، فمن تقلبه في الأشكال علم تقليب الحق في الصور ولهذا لا يكون محل المعرفة الإلهية في الوجود إلا القلب ، لأن ما عداه من الروح وغيره له مقام معلوم ، فمن نفسه عرف نفسه لأن نفسه ليست غير الحق والباقي ظاهر ( فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى ) أي في الصورة التي يعرف عليها وتجليه من معتقده ، فإنه يحصر الحق في صورة معتقده وينكر ما سواه ، وليس العارف والمنكر غيره ( فهذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع ) أي علم القلب الذي عرف الحق بالحق من نفسه التي هي عين هوية الحق ، حظ من عرف الحق بطريق التجلي والشهود في عين الجمع لا بالفكر والبرهان ، كما هو طريق العقلاء من أصحاب الاعتقادات ، فإن البرهان لا يعطى كون الحق عين كل شيء من الأشياء المتضادة ( فهو قوله - * ( لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ ) * - يتنوع في تقليبه ) أي فذلك العالم والحظ لمن كان له قلب يتنوع بتنوع التجليات ، ويتقلب في قوالبها كما ذكر . ( وأما أهل الإيمان فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتها العقلية ، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلى الله عليهم وسلَّم هم المرادون بقوله - * ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ) * - لما وردت به الأخبار الإلهية على سنة الأنبياء ، وهو يعنى هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الإحسان « أن تعبد الله كأنك تراه » والله في قبلة المصلى فلذلك هو شهيد ) أي أهل الإيمان الذين قلدوا الرسل عليهم الصلاة والسلام لا الذين قلدوا العقلاء ، هم المرادون بقوله - * ( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ) * - لما ورد من القرآن والخبر وهو شهيد ، أي حاضر بقلبه على حضرة الخيال ، فإن الشهود قد يكون بمعنى الحضور وقد يكون بمعنى الرؤية والبصر بالمبصرات ، وقد يكون بالتجلى الخيالى والتمثل في الحس من حضرة الخيال ، وقد يكون بالبصائر للحقائق ، وقد يكون بأحدية جمع البصائر والأبصار ، وقد يكون بعين الحق للحضرة الإلهية من قوله « كنت سمعه وبصره » وقد يكون بمعنى شهود الحق ذاته بذاته وهو شهود أهل الولاية ، والمراد هنا الشهود في الحضرة الخيالية للتمثل الحسي ، كما مثلت الجنة لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم في عرض الحائط ، ومثل جبريل في صورة دحية وفي صورة البشر السوىّ لمريم ، يعنى وهو عند إلقاء السمع حاضرة ما تمثل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم باستعمال القوة الخيالية في حضرتها ، أو شاهد ما تمثل فيها إن قدر ، وهو أي شهوده أو استعمال القوة الخيالية قوله عليه الصلاة والسلام ، أي مثل قوله « أن تعبد الله