لا من جميع الوجوه بل من جهة الإصلاح والإسعاد ( والحق على وجهين في الحكم في أحوال المكلفين فيجري الأمر من العبد بحسب ما تقتضيه إرادة الحق ، وتتعلق إرادة الحق به بحسب ما يقتضي به علم الحق ، ويتعلق علم الحق به على حسب ما أعطاه المعلوم من ذاته ، فما ظهر : أي المعلوم إلا بصورته ، فالرسول والوارث خادم الأمر الإلهي بالإرادة ) أي بإرادة الحق ( لا خادم الإرادة ) أي لا خادم إرادته تعالى ، فإنه أراد من الرسول ووارثه أن يطلبا سعادة العبد لا مراده تعالى منه ( فهو يرد عليه طلبا لسعادة المكلف ) أي يرد على الأمر الإلهي بالأمر الإلهي إذا تعلقت الإرادة بشقاوته ، ولهذا خوطب بقوله - * ( إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ ) * - وهو بقوله - * ( فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ) * - وعوتب بقوله - * ( فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ ) * - وأمثالها ( فلو خدم الإرادة الإلهية ما نصح ) لأن الإرادة إنما تعلقت بما يفعله العبد المنصوح ( وما نصح إلا بها أعنى الإرادة ) فتبين أن الرسول والوارث ليس بخادم للأمر الإلهي مطلقا بل من جهة الإصلاح وإحراز السعادة كالطبيب ( فالرسول والوارث طبيب أخروى للنفوس منقاد لأمر الله حين أمره ، فينظر في أمره تعالى وينظر في إرادته تعالى ، فيراه قد أمره بما يخالف إرادته ولا يكون إلا ما يريد ، ولهذا كان الأمر ) أي ولأن أمر الرسول للأمة مراد للحق كان الأمر أي وقع إذ لا يكون إلا ما يريده ( فأراد الأمر فوقع ، وما أراد وقوع ما أمر به بالمأمور فلا يقع من المأمور ، فسمى مخالفة ومعصية ) بالنسبة إلى الأمر لا الإرادة ( فالرسول مبلغ ) لا غير ، وإنما لم تتعلق الإرادة بوقوع