responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 244


الاطلاع عليه ، فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته ، وليس الأمر كما زعموا ) أي حسبوا أنه عليه السلام اختار ملك الدنيا وأنه ينقصه ذلك عن ملك الآخرة ، وهو أعظم مما اعتقدوا في حقه وما قدروا حق قدره ، فإنه عليه السلام كان في أكملية رتبة الخلافة ، وإن الوجود الحق المتعين به وفيه ظهر في أكمل صوره الإلهية والرحمانية ، فهو أكمل مجلى لله مع قيامه بحق العبدانية وكمال إيقانه بذلك فإنه عليه السلام في عين شهود ربه على هذا الكمال وظهوره بأسمائه العظمى كان يعمل بيديه ويأكل بكسبه ويجالس الفقراء والمساكين ، ويفتخر بذلك ويقول : مسكين جالس مسكينا ، والله الموفق .
( 17 ) فص حكمة وجودية في كلمة داودية إنما خصت الكلمة الداودية بالحكمة الوجودية ، لأن الوجود إنما تم بالخلافة الإلهية في الصورة الإنسانية ، وأول من ظهر فيه الخلافة في هذا النوع كان آدم ، وأول من كمل فيه الخلافة بالتسخير داود حيث سخر الله له الجبال والطير في ترجيع التسبيح معه كما قال - * ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَه يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ والإِشْراقِ والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَه أَوَّابٌ ) * - وجمع الله به فيه بين الملك والخطاب والنبوة في قوله - * ( وشَدَدْنا مُلْكَه وآتَيْناه الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ ) * - وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا هو داود عليه السلام . ولما كان التصرف في الملك بالتسخير أمرا عظيما لم يتم عليه بانفراده ، وهبه سليمان وشركه في ذلك لقوله - * ( ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْماً وقالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي فَضَّلَنا ) * - الآية ، وقال - * ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً ) * - فكان تتمة لكماله في الخلافة بما خصصه الله به من كمال التصرف في العموم فبلغ الوجود بوجود كماله في الظهور ، وهذا هو السر في اقتران الحكمة الداودية بالحكمة السليمانية ، وتقديم السليمانية على الداودية للمزية الظاهرة له بخصوصية ، فكأنها حكمة واحدة فيما يرجع إلى ظهور كمال الوجود ، وحكمتان في ظهور الرحمانية في الفرع ، إذ كل فرع فيه ما في الأصل وزيادة تخصه ، فقدم للزيادة وللتنبيه على أنهما حكمتان متميزتان بتقديم الآخر على الأول كما فعل الله بقصة البقرة .
( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب أعنى نبوة التشريع كانت عطاياه تعالى لهم عليهم الصلاة والسلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء ، فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال فقال - * ( ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ ) * - يعنى لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب - * ( ووَهَبْنا لَه أَهْلَه ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) * -

244

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست