responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 243


اللبن ، كجبريل تمثل في صورة بشر سوىّ لمريم ) إنما أورد هذه المسألة التمثيلية هاهنا لأن الحكمة التي كان في بيانها عن تجديد المثل مع الإلباس في الخلق الجديد هي تمثل المعاني والحقائق في صورة ما كان من الوجود الظاهر بها أو بالعكس على الذوقين من مشربى قرب الفرائض والنوافل فكانت من تتمة ذلك البحث وذنابته ( ولما قال عليه الصلاة والسلام « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم فلا بد من تأويله ) مضمون الحديث أن الحياة نوم ، وفحواه أن كل ما يرى من المحسوسات المشهورة كالرؤيا للنائم خيال ، فكما أن للرؤيا معانى متمثلة في الخيال وحقائق متجسدة تحتاج إلى تأويل ، فكذلك كل ما يتجسد ويتمثل لنا في هذا العالم معان وحقائق تمثلت في عالم المثال ثم في عالم الحس ، فعلى أهل الذوق والشهود تأويله إما بالعبور على تلك الحقائق التي تنزلت حتى تمثلت في الصورة المحسوسة التي وصلت إليها ، وإما إلى لوازم هذه الصورة ولوازم لوازمها ، فإن الوجود الساري في الأكوان سرى من كل صورة إلى ما يناسبها ويلازمها ثم إلى عوارضها ولواحقها وتوابعها وتوابع توابعها .
واعلم أن هذه الصور والأشكال والهيئات والأحوال التي نشاهدها بما في العالم ، آيات نصبها الله لنا وأعلام أظهرها أمثلة لحقائق وصور ومعان معقولة أزلية هي شئونه تعالى وتعيناتها الذاتية - * ( وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) * - باللَّه الذين يعرفون تأويلها ويعبرون عن صورها إلى حقائقها وهو الموفق ( إنما الكون خيال وهو حق في الحقيقة ، والذي يفهم هذا حاز أسرار الطريقة ) أي الكون من حيث الصور والهيئات والأشكال فظاهر في وجود الحق ، وهو من حيث أنه هو الوجود الحق الظاهر في هذه الصور حق بلا شك ، فمن لم يحتجب عن الحق بهذه الصور ورأى الحق المتجلى فيها المتحول في الصور فهو المحقق الواقف على أسرار الطريقة ( فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال « اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ، وإذا قدم إليه غير اللبن قال « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهى فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهى فالأمر فيه إلى الله إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه ، وأرجو من الله في العلم خاصة أن لا يحاسب به ، فإن أمره لنبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته ، فإن الله يقول - * ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) * - وأي أسوة أعظم من هذا التأسى لمن عقل عن الله ، ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك

243

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست