نام کتاب : روح التوحيد رفض عبودية غير الله نویسنده : السيد الخامنئي جلد : 1 صفحه : 24
التوحيد على أنه نظرة لما وراء الطبيعة ، أو أنه على أحسن الأحوال أطروحة أخلاقية عرفانية ، هذا الفهم لا يتناسب إطلاقاً مع الأيديولوجية الإسلامية الحية التي تنطوي على أطروحة كاملة للحياة الاجتماعية . كان هناك على مر التاريخ طبعاً أفراد - مع إيمانهم بالله وبالتوحيد - غفلوا أو تغافلوا عن المحتوى العيني والعملي - وخاصة الاجتماعي - لهذه العقيدة . هؤلاء وطّنوا أنفسهم على المعيشة في كل زمان ومع كل الظروف بحيث لا تكاد تميّزهم عن الكافر بالتوحيد ؛ أي أن هذه العقيدة لم تبعث فيهم شعور التعارض مع الوضع غير التوحيدي القائم ، ولم يثقل كاهلهم عبء الشرك المستفحل في مجتمعهم . في مطلع الإسلام ، كان هناك مجموعة من الحنفاء يعيشون في مكة مركز الوثنية وعاصمة أصنام العرب الكبرى . لكن وجودهم لم يكن له أدنى تأثير على الجو الفكري والاجتماعي ، لأن مفهوم هؤلاء الحنفاء عن التوحيد لم يتعدّ أذهانهم وقلوبهم وإطار حياتهم الخاصة ، ولم يكن له أدنى تواجد في تلك المتاهات الجاهلية ، ولا أقلّ تأثيراً على الحياة المؤسفة القائمة هناك . هؤلاء الذين يُسمَّون ب « الموحدين » كانوا يعيشون مع غيرهم على ساحة واحدة ويطوون مسيرة تلك الحياة بنفس طريقة غيرهم دون أن يزعجهم شيء . هذا الفهم الذهني للتوحيد يتميز بهذه الصفة من الخمول والانعزال عن الحياة ، وخاصة الحياة الاجتماعية . في مثل هذه الأجواء ، أعلن الإسلام مفهوم التوحيد باعتباره عقيدة ملتزمة وتنظيماً للحياة وأطروحة جديدة للمجتمع . وبهذا الشكل أعلن هويته باعتباره دعوة انقلابية لكل مخاطبيه ، المؤمنين منهم والكافرين ، فكل مَن سمع نداء الإسلام علم أنه نظام اجتماعي واقتصادي وسياسي جديد لا يتلاءم إطلاقاً مع الأوضاع التي كانت قائمة في العالم آنذاك ، بل إنه يستهدف إزالة الوضع القائم وإبداله بوضع آخر .
24
نام کتاب : روح التوحيد رفض عبودية غير الله نویسنده : السيد الخامنئي جلد : 1 صفحه : 24