نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 439
اختلافاتهم تكون في الأشياء التي تعلم بطريق الاستدلال والمقاييس وسبب اختلافهم فيها كثرة الطرق وفنون المقاييس وكيفية استعمالها وشرح ذلك طويل قد ذكر في كتب المنطق وكتب الجدل ونريد أن نبين كيف تحصل حقائق هذه المعلومات في أنفس العقلاء . وأعلم يا أخي بأن هذه المعلومات التي تسمى أوائل في العقول إنما يحصل في نفوس العقلاء باستقراء الأمور المحسوسة شيئاً بعد شيء وتصفحها جزءاً بعد جزء وتأملها شخصاً بعد شخص فإذا وجدوا منها أشخاصاً كثيرة تشملها صفة واحدة حصل في نفوسهم بهذا الاعتبار أن كل كما كان من جنس ذلك الشخص ومن جنس ذلك الجزء هذا حكمه وإن لم يكونوا يشاهدون جميع أجزاء ذلك الجنس وأشخاص ذلك النوع . مثال ذلك أن الصبي إذا ترعرع واستوى وأخذ يتأمل أشخاص الحيوانات واحداً بعد واحد فيجدها كلها تحس وتتحرك فيعلم عند ذلك أن كل ما كان من جنسها هذا حكمه . وهكذا إذا تأمل كل جزء من الماء أي جزء كان فوجده رطباً سيالاً وكل جزء من النار فوجده حاراً محرقاً وكل جزء من الأحجار فوجده صلباً يابساً علم عند ذلك أن كل ما كان من ذلك الجنس فهذا حكمه . فبمثل هذا الاعتبار تحصل المعلومات في أوائل العقول بطريق الحواس . وأعلم يا أخي بأن مراتب العقلاء في مثل هذه الأشياء التي تحصل في النفوس بطريق الحواس متفاوتة في الدرجات وذلك أن كل من كان منهم أنعم نظراً وأحسن تأملاً وأجود تفكراً وألطف روية وأكثر اعتباراً كانت الأشياء التي تعلم ببدائه العقول في نفوسهم أكثر مما في نفوس من يكون طول عمره ساهياً لاهياً مشغولاً بالأكل والشرب واللهو واللذات والأمور الجسمانية . وأعلم يا أخي بأن أكثر ما يدخل الخطأ على المتأملين في حقائق الأشياء المحسوسة إذا حكموا على حقيقتها بحاسة واحدة . مثال ذلك من يرى
439
نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 439