responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء    جلد : 1  صفحه : 330


الله - عز وجل - واختصر بقوله : " فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنت فيها خالدون " فلما جهل أبناء الدنيا أمور الآخرة وغفلوا عنها اشتغلوا عند ذلك بطلب الدنيا ونعيمها ولذاتها وشهواتها وتمنوا الخلود فيها لأنها محسوسة لهم يشهدونها وتلك غائبة عن إدراك الحواس فتركوا البحث عنها والرغبة فيها والطلب لها وإليهم أشار بقوله - جل ثناؤه : " ورضوا بالحياة الدنيا وأطمأنّوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون " .
وأعلم يا أخي بأن الله - جل ثناؤه - سمى الدار الآخرة الحيوان لأنها عالم الأرواح ومعدن النفوس والدنيا عالم الأجسام وجواهر الأجسام موات بطبائعها وإنما تكسبها الحياة النفوس والأرواح بكونها فيها ومعها كما تكسب الشمس الهواء النور والضياء بإشراقها عليه وفيه الدليل على أن النفوس هي التي تكسب الأجساد الحياة بكونها معها وما يرى من حال الأجساد قبل الموت من الحس والحركة والشعور والأصوات والتصاريف وكيفية فقدانها ذلك عند الموت الذي ليس هو شيئاً سوى مفارقة النفس الجسد مما لا خفاء به عند كل عاقل منصف بعقله في موجبات أحكامه .
وأعلم يا أخي بأن أكثر الناس من أتباع واضعي الناموس وأنصارهم مقرون بالآخرة مؤمنون بها ولكنهم لا يعرفون ماهيتها ولا يدرون ما حقيقتها ولا كيفيتها ولا أبنيتها ولا متى وقت الوصول إليها وهكذا أيضاً كثير من المتفلسفين مقرون بعالم الأرواح وجواهر النفوس ولكن أكثرهم أيضاً لا يدرون كيف الطريق نحوها ولا كيف الوصول . وقد بينا نحن في رسائلنا الناموسية والعقلية ما يحتاج إليه كلا الفريقين جميعاً في هذا المعنى . وإذ قد تبين بما ذكرنا ما الدنيا وما الآخرة فنقول الآن إن الناس كلهم أبناء الآخرة وأهلها كما هم أبناء الدنيا وأهلها ولكنهم ينقسمون في الآخرة قسمين اثنين كما هم في الدنيا قسمان اثنان : سعداء وأشقياء فأما سعداء بني الدنيا وأشقياؤهم فهم معروفون ولسنا نحتاج إلى ذكرهم إذ كان

330

نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء    جلد : 1  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست