نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 208
قولهم إن الأشخاص الفلكية علل أوائل لهذه الأشخاص التي في عالم الكون والفساد وإن حركاتها علة لحركات هذه وحركات هذه تحاكي حركاتها فوجب أن تكون نغمات هذه تحاكي نغماتها . والمثال في ذلك حركات الصبيان في لعبهم فإنهم يحاكون أفعال الآباء والأمهات وهكذا التلامذة والمتعلمون يحاكون في أفعالهم وصنائعهم أفعال الأستاذين والمعلمين وأحوالهم . وإن أكثر العقلاء يعلمون بأن الأشخاص الفلكية وحركاتها المنتظمة متقدمة الوجود على الحيوانات التي تحت فلك القمر وحركاتها علة لحركات هذه وعالم النفوس متقدم الوجود على عالم الأجسام كما بينا في رسالة الهيولى ورسالة المبادئ العقلية . فلما وجد في عالم الكون حركات منتظمة لها نغمات متناسبة دلت على أن في عالم الأفلاك لتلك الحركات المنتظمة المتصلة نغمات متناسبة مفرحة لنفوسها ومشوقة لها إلى ما فوقها كما يوجد في طباع الصبيان اشتياق إلى أحوال الآباء والأمهات وفي طباع التلامذة والمتعلمين اشتياق إلى أحوال الأستاذين وفي طباع العامة اشتياق إلى أحوال الملوك وفي طباع العقلاء اشتياق إلى أحوال الملائكة والتشبه بهم كما ذكر في حد الفلسفة إنها التشبه بالإله بحسب الطاقة الإنسية . ويقال إن فيثاغورس الحكيم سمع بصفاء جوهر نفسه وذكاء قلبه نغمات حركات الأفلاك والكواكب فاستخرج بجودة فطرية أصول الموسيقى ونغمات الألحان وهو أول من تكلم في هذا العلم وأخبر عن هذا السر من الحكماء ثم بعده نيقوماخس وبطليموس وأقليدس وغيرهم من الحكماء . وهذا كان غرض الحكماء من استعمالهم الألحان الموسيقية ونغم الأوتار في الهياكل وبيوت العبادات عند القرابين في سنن النواميس الإلهية وخاصة الألحان المحزنة المرققة للقلوب القاسية المذكرة للنفوس الساهية والأرواح اللاهية الغافلة عن سرور عالمها الروحاني ومحلها النوراني ودارها الحيوانية . وكانوا يلحنون مع نقرات تلك الأوتار كلمات وأبياتاً موزونة
208
نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 208