نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 20
وهي خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات . وحملت عدّة منها إلى شيخنا أبي سليمان المنطقي السجستاني محمد بن بهرام ، وعرضتها عليه ، فنظر فيها أياماً ، وتبحرها طويلاً ، ثم ردها عليّ ، وقال : تعبوا وما أغنوا ، ونصبوا وما أجروا ، وحاموا وما وردوا ، وغنوا وما أطربوا ، ونسجوا فهلهلوا [1] ، ومشطوا ففلفلوا . » وهم أنفسهم يعترفون في فهرست الرسائل أنهم يعرضون نموذجات مما في بستانهم على من يمر به ، فيخرجون له « من كل ثمرة طيبة ، وفاكهة لذيذة ، وريحان زكي ، وورد جنيّ ، ونور أنيق ، وجوهر بهيّ ، وطير غرد ، وشراب عذب . » حتى إذا أعجبته هذه الأشياء وارتاح إليها ، دخل البستان وقيل له : « كل ما شئت ، وشمّ ما شئت ، واختر ما شئت ، وانظر كيف شئت ، وتنزه أين شئت ، وجئ من أين شئت ، وتلذذ وتنعّم وتطيّب وتنسّم . » فكأنهم أرادوا بذلك أن حقيقة آرائهم وأسرار رموزهم وإشاراتهم لا يطّلع عليها إلا من تثقف برسائلهم ومال إلى ما عرض عليه فيها من تحف ، وطرَف ، ولطف ، فانسلك في جماعتهم ليتزيّد في العلم والمعرفة ، واستحق النظر في الرسالة الجامعة التي هي نهاية المراد . ومن محاسن هذه الرسائل أنها كتبت بلغة أنيقة جذّابة ، جميلة الصور والتشابيه ، فلا يضيق مطالعها ذرعاً ، على ما فيها من المعمّيات ولكنها تحتاج إلى تحقيق علمي رصين ، وإن تكن هذه الطبعة الجديدة قد تداركت طائفة كبيرة من دخيل التحريف والتصحيف . بطوس البستاني