نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 18
ومسكنها مقدّم الدماغ ، ونسبتها إلى القوة المفكرة بما تجمع إليها من أخبار المحسوسات كنسبة صاحب الخريطة إلى الملك . وثالثتها الحافظة ، ومسكنها مؤخّر الدماغ ، ونسبتها إلى المفكرة كنسبة الخازن الحافظ ودائع الملك . ورابعتها الناطقة التي مجراها على اللسان ، ونسبتها إلى المفكرة كنسبة الحاجب والترجمان إلى الملك ، وخامستها الصانعة التي مجراها اليدان والأصابع ، ونسبتها إلى المفكرة كنسبة الوزير المعين له في تدبير مملكته ، والمساعد له في سياسته لرعيته . قسم الآراء والديانات وأما القسم الرابع من رسائلهم فيختص بالآراء والديانات ، وما اتصل بها من المذاهب الروحانية والفلسفية والعلمية والخرافية ، وغايتهم منها التوفيق بين الدين والفلسفة ؛ وهذه المحاولة لم يغفل عنها الفارابي وابن سينا ، ولكنهما حرصا على أن يكون التوفيق بين الفلسفة التقليدية والدين كما جاء به القرآن ، على اعتبار أنهما حقيقة مزدوجة ، فلا يصح أن يكون بينهما خلاف . بيد أنّ إخوان الصفاء لم يأخذوا الإسلام بشرائعه الخالصة عندما سلكوا خطة التوفيق بل مزجوه بمختلف الأديان والآراء والعقائد ، زاعمين أن مذهبهم يستغرق المذاهب كلها ، فكأنهم أرادوا بذلك ، كما قال دي بور ، أن يضعوا ديناً عقليّاً يعلو الأديان جميعاً ، وبه يتم التوفيق بين الشريعة والحكمة . ومن الآراء الفاسدة عندهم « رأي من يعتقد أن الله الرحيم الرؤوف الحنّان يعذّب الكفار والعصاة في خندق من النار غيظاً عليهم وحنقاً ، وكلما احترقت أجسادهم وصارت فحماً ورماداً ، عادت فيها الرطوبة والدم لتحرق مرة ثانية . » فهذه الاعتقادات ، في رأيهم ، تؤلم أصحابها ، وتجعلهم يسيئون الظن برحمة الله وحنانه . فليس هناك شياطين على رأسهم إبليس ، خلقهم الله ليسلطهم على عباده ، يناصبونهم العداء والبغضاء ، ويفعلون ما يريدون ، وإنما هو الإنسان إذا بلغ أشُدّه ،
18
نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 18