ما هو التحقيق عند المصنف ( قدس سره ) من أن الفصول وجودات خاصة على ما وجهنا كلامه وقعوا أيضا فيما هربوا عنه فإن الوجود حقيقة واحدة وصارت ذات مراتب متفاوتة متفاضلة وهم متحاشون عن وجدان حقيقة ذات مراتب كاملة ومتوسطة وناقصة أية حقيقة كانت كما ينادي به أدلتهم قلت لم يقعوا فيما هربوا ولم يمكن إلزامهم بذلك إن اعتقدوا الفصول ماهيات فلما علمت أن الاختلاف التبايني كالنوعي والجنسي ونحوهما ليس تشكيكا ومعلوم أن كل ماهية فصلية مباينة بتمام ذاتها البسيطة لماهية فصلية أخرى وأما إن اعتقدوها وجودات فلأن الوجودات على ظاهر مذهبهم حقائق متباينة بتمام ذواتها البسيطة كالتباين بين الأجناس العالية البسيطة ومعلوم أن أمثال هذا الاختلاف ليس تشكيكا وما كتبنا سابقا أن قولهم بأن التفاوت في النوع الواحد في حد الفردية وفي الجنس بالفصول قول بالتشكيك في حقيقة الوجود فإن التشخص بالوجود والفصل هو الوجود وكذا ما ألزمهم به في الأسفار من الوقوع في التشكيك في الوجود فيما قالوا إن تقدم الجوهر الجنسي في العقل الأول على الثاني وفي الهيولى والصورة على الجسم ونحوهما يرجع إلى تقدم وجود ذلك الجوهر على هذا الجوهر وما فيه التفاوت في الجوهر غير ما به التفاوت وهما في الوجود واحد أنما هو بناء على تأويل مذهبهم في باب تباين الوجودات كما مر في أول هذا الكتاب وذلك لحسن الصدق منا ومن المصنف ( قدس سره ) بأن فيهم محصلين ومحققين فكيف يتفوهون بالتباين مع أن الوجود مشترك معنوي وعدم جواز انتزاع مفهوم واحد من حقائق متخالفة بما هي متخالفة .

576