نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 215
عالم العقل وعالم المثال وعالم المادة . فعالم العقل مجرد عن المادة وآثارها . وعالم المثال مجرد عن المادة دون آثارها - من الأبعاد والأشكال والأوضاع وغيرها - ، ففيه أشباح جسمانية متمثلة في صفة الأجسام التي في عالم المادة على نظام يشبه نظامها في عالم المادة ، غير أن تعقب بعضها لبعض بالترتب الوجودي بينها ، لا بتغير صورة إلى صورة ، أو حال إلى حال ، بالخروج من القوة إلى الفعل من طريق الحركة ، على ما هو الشأن في عالم المادة ، فحال الصور المثالية في ترتب بعضها على بعض حال الصور الخيالية من الحركة والتغير ، والعلم مجرد لا قوة فيه ولا تغير ، فهو علم بالتغير لا تغير في العلم . وعالم المادة بجواهرها وأعراضها مقارن للمادة . والعوالم الثلاثة مترتبة وجودا ، فعالم العقل قبل عالم المثال ، وعالم المثال قبل عالم المادة وجودا ، وذلك لأن الفعلية المحضة التي لا تشوبها قوة أقوى وأشد وجودا مما هو بالقوة محضا أو تشوبه قوة ، فالمفارق قبل المقارن للمادة ، ثم العقل المفارق أقل حدودا وقيودا وأوسع وأبسط وجودا من المثال المجرد ، وكلما كان الوجود أقوى وأوسع كانت مرتبته في السلسلة المترتبة من حقيقة الوجود المشككة أقدم ، ومن المبدأ الأول - الذي هو وجود صرف ليس له حد يحده ولا كمال يفقده - أقرب ، فعالم العقل أقدم وجودا من الجميع ، ويليه عالم المثال ويليه عالم المادة . ويتبين بما ذكر : أن الترتيب المذكور ترتيب في العلية - أي إن عالم العقل علة مفيضة لعالم المثال ، وعالم المثال علة مفيضة لعالم المادة - . ويتبين أيضا بمعونة ما تقدم - من أن العلة مشتملة على كمال المعلول بنحو أعلى وأشرف [1] - : أن العوالم الثلاثة متطابقة متوافقة ، ففي عالم المثال نظام مثالي
[1] راجع الفصل الثالث والرابع من المرحلة الرابعة ، والفصل الرابع من هذه المرحلة .
215
نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 215