كسائر قوى النفس ، إذ تتفاوت في الأفراد قوة وضعفا . ولأجل هذا كانت " الخلقيات " من المشهورات وإن كانت الأخلاق الفاضلة ليست عامة بين البشر ، بل هي من خاصة الخاصة . نعم الإصغاء إلى صوت الضمير والخضوع له لا يسهل على كل إنسان إلا بالانقطاع إلى دخيلة نفسه والتحول عن شهواته وأهوائه . كما أن الخلق عامة لا يحصل له وإن كان له ذلك الإصغاء إلا بتكرر العمل واتخاذه عادة حتى تتكون عنده ملكة الخلق التي يسهل معها الفعل . وبالأخص الخلق الفاضل ، فإن أفعاله التي تحققه تحتاج إلى مشقة وجهاد ورياضة ، لأنها دائما في حرب مع الشهوات والرغبات ، وليس الظفر إلا بعد الحرب . 4 - الانفعاليات : وهي التي يقبلها الجمهور بسبب انفعال نفساني عام ، كالرقة والرحمة والشفقة والحياء والأنفة والحمية والغيرة ، ونحو ذلك من الانفعالات التي لا يخلو منها إنسان غالبا . فترى الجمهور يحكم - مثلا - بقبح تعذيب الحيوان لا لفائدة ، وذلك اتباعا لما في الغريزة من الرقة والرحمة . بل الجمهور بغريزته يحكم بقبح تعذيب ذي الروح مطلقا وإن كان لفائدة لولا أن تصرف عنه الشرايع والعادات . والجمهور يمدح من يعين الضعفاء والمرضى ويعني برعاية الأيتام والمجانين ، لأنه مقتضى الرحمة والشفقة . كما يحكم بقبح كشف العورة ، لأنه مقتضى الحياء . ويمدح المدافع عن الأهل والعشيرة أو الوطن والأمة ، لأنه مقتضى الحمية والغيرة . . . إلى غير ذلك من الأحكام العامة عند الناس . 5 - العاديات : [1] وهي التي يقبلها الجمهور بسبب جريان العادة عندهم ، كاعتيادهم
[1] العادة في العرف تستعمل بمعنى مرادف للخلق ، ولكن في الاصطلاح هنا بمعنى الرسم .