ومجموع زوايا المثلث فتسأل في نفسك هل هما متساويان ؟ وتشك في تساويهما ، تحدث عندك صورة لنسبة التساوي بينهما ، وهي من التصور المجرد أيضا . فإذا برهنت على تساويهما تحصل لك حالة جديدة مغايرة للحالات السابقة ، وهي إدراكك لمطابقة النسبة للواقع المستلزم لحكم [1] النفس واذعانها وتصديقها بالمطابقة [2] . وهذه الحالة - أي الصورة المطابقة للواقع التي تعقلتها وأدركتها - هي التي تسمى بالتصديق ، لأنها إدراك يستلزم تصديق النفس وإذعانها [3] ، تسمية للشئ باسم لازمه الذي لا ينفك عنه . إذا إدراك زوايا المثلث ، وإدراك الزاويتين القائمتين ، وإدراك نسبة التساوي بينهما ، كلها تصورات مجردة لا يتبعها حكم وتصديق . أما إدراك أن هذا التساوي صحيح واقع مطابق للحقيقة في نفس الأمر فهو تصديق . وكذلك إذا أدركت أن النسبة في الخبر غير مطابقة للواقع ، فهذا الإدراك تصديق . تنبيه : إذا لاحظت ما مضى يظهر لك : أن التصور والإدراك والعلم [4] كلها ألفاظ لمعنى واحد ، وهو " حضور صور الأشياء عند العقل " . فالتصديق أيضا تصور ، ولكنه تصور يستتبع الحكم وقناعة النفس
[1] لا يخفى عليك : أن الحكم هنا بمعنى الإذعان ، وأما الحكم بمعنى إدراك وقوع النسبة أو لا وقوعها فهو نفس التصديق وقد أطلق الحكم في كلماتهم على كل من المعنيين . قال الحكيم السبزواري في منظومته : الارتسامي من إدراك الحجى * إما تصور يكون ساذجا أو هو تصديق هو الحكم فقط * ومن يركبه فيركب الشطط [2] وبعبارة أخرى : التصديق هو إدراك وجود النسبة في نفس الأمر أو عدم وجودها . [3] وبعبارة أخرى : التصديق هو إدراك وجود النسبة في نفس الأمر أو عدم وجودها . [4] أي الإدراك والعلم الحصولي ، وأما الإدراك والعلم المطلق فهو أعم من التصور المطلق لشموله للعلم الحضوري أيضا . وبعبارة أخرى : إن الذي يرادف التصور المطلق هو أحد إطلاقات العلم والإدراك أعني العلم الحصولي .