الموصوف مجردا ، ومفهوم الوصف مجردا ، والمجموع من الموصوف والوصف . 1 - فإن لاحظ العقل - والعقل قادر على هذه التصرفات - نفس ذات الموصوف بالكلي مع قطع النظر عن الوصف ، بأن يعتبر الإنسان - مثلا - بما هو إنسان من غير التفات إلى أنه كلي أو غير كلي ، وذلك عندما يحكم عليه بأنه حيوان ناطق ، فإنه - أي ذات الموصوف بما هو عند هذه الملاحظة - يسمى " الكلي الطبيعي " . ويقصد به طبيعة الشئ بما هي . والكلي الطبيعي موجود في الخارج بوجود أفراده [1] . 2 - وإن لاحظ العقل مفهوم الوصف بالكلي وحده ، وهو أن يلاحظ مفهوم " ما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين " مجردا عن كل مادة ، مثل : إنسان وحيوان وحجر وغيرها ، فإنه - أي مفهوم الكلي بما هو عند هذه الملاحظة - يسمى " الكلي المنطقي " . والكلي المنطقي لا وجود له إلا في العقل ، لأنه مما ينتزعه ويفرضه العقل ، فهو من المعاني الذهنية الخالصة التي لا موطن لها خارج الذهن . 3 - وإن لاحظ العقل المجموع من الوصف والموصوف ، بأن لا يلاحظ ذات الموصوف وحده مجردا ، بل بما هو موصوف بوصف الكلية ، كما يلاحظ الإنسان بما هو كلي لا يمتنع صدقه على الكثير ، فإنه - أي الموصوف بما هو موصوف بالكلي - يسمى " الكلي العقلي " لأنه لا وجود له إلا في العقل ، لاتصافه بوصف عقلي ، فإن كل موجود في الخارج لابد أن يكون جزئيا حقيقيا [2] .
[1] راجع الحاشية : ص 49 ، وشرح الشمسية : ص 62 ، وشرح المنظومة : ص 22 ، وشرح المطالع : ص 58 ، ونهاية الحكمة : ص 74 ، وبداية الحكمة : ص 58 ، وكشف المراد : ص 87 . [2] لا يخفى عليك ما في هذا التعليل ، فإن كل موجود في الخارج شخص وليس بجزئي حقيقي فإن الجزئي كالكلي من المقولات الثانية المنطقية إنما يعرض المفهوم . فإن المقسم والمعروض للكلي والجزئي هو المفهوم ، ولو صح ما ذكره لزم كون الجزئي العقلي موجودا في الخارج ولا يلتزم به أحد .