ومما ينبغي أن يعلم في هذا الصدد : أنا عندما اعتبرنا الوزن والقافية فلا نقصد بذلك خصوص ما جرت عليه عادة العرب فيهما ، على ما هما مذكوران في علمي العروض والقافية ، بل كل ما له تفاعيل لها جرس وإيقاع في النفس - ولو مثل " البنود " وما له قوافي مكرره مثل " الموشحات " و " الرباعيات " - فإنه يدخل في عداد الشعر . أما " الشعر المنثور " المصطلح عليه في هذا العصر فهو شعر أيضا ولكنه بالمعنى المطلق - الذي قيل عنه : إنه مصطلح مناطقة اليونان - فقد فقد ركنا من أركانه وجزءا من أجزائه . والإنصاف : أن إهمال الوزن والقافية يضعف القيمة الشعرية للكلام ويضعف أثره التخييلي في النفوس ، وإن جاز إطلاق اسم الشعر عليه إذا كانت قضاياه تخييلية . تعريف الشعر [1] : وعلى ما تقدم من الشرح ينبغي أن نعرف الشعر بما يأتي : إنه كلام مخيل مؤلف من أقوال موزونة متساوية مقفاة وقلنا : " متساوية " لأن مجرد الوزن من دون تساو بين الأبيات ومصارعها فيه لا يكون له ذلك التأثير ، إذ يفقد مزية النظام فيفقد تأثيره . فتكرار الوزن على تفعيلات متساوية هو الذي له الأثر في انفعال النفوس . فائدته : إن للشعر نفعا كبيرا في حياتنا الاجتماعية ، وذلك لإثارة النفوس عند الحاجة في هياجها ، لتحصيل كثير من المنافع في مقاصد الإنسان فيما يتعلق بانفعالات النفوس وإحساساتها في المسائل العامة : من دينية