- 7 - معنى العلة في البرهان اللمي قلنا : إن البرهان اللمي ما كان فيه الأوسط علة لثبوت الأكبر للأصغر ، وقد يسبق ذهن الطالب إلى أن المراد من العلة خصوص العلة الفاعلية ، ولكن في الواقع أن العلة تقال [1] على أربعة أنواع ، والبرهان اللمي يقع بجميعها ، وهي : 1 - العلة الفاعلية أو الفاعل أو السبب أو مبدأ الحركة ، ما شئت فعبر . وقد يعبر عنها بقولهم : " ما منه الوجود " ويقصدون المفيض والمفيد للوجود ( 2 ) أو المسبب للوجود كالباني للدار والنجار للسرير والأب للولد ( 3 ) ونحو ذلك . ومثال أخذ الفاعل في البرهان : لم صار الخشب يطفو على الماء ؟ فيقال : لأن الخشب ثقله النوعي أخف من ثقل الماء النوعي . ومثاله أيضا ما تقدم في مثال تمدد الحديد بالحرارة . 2 - العلة المادية أو المادة التي يحتاج إليها الشئ ليتكون ويتحقق بالفعل بسبب قبوله للصورة . وقد يعبر عنها بقولهم : " ما فيه الوجود " كالخشب والمسمار للسرير ، والجص والآجر والخشب ونحوها للدار ، والنطفة للمولود .
[1] راجع شرح المنظومة : ص 93 ، والجوهر النضيد : ص 174 ، والنجاة : ص 83 ، والتحصيل : ص 253 وص 37 وص 238 ، وكشف المراد ، ص 114 . قد يقصد بعضهم من تعبير " ما منه الوجود " خصوص المفيض للوجود أي الخالق المصور ، والفاعل بهذا المعنى هو خصوص الباري تعالى . وأما الفاعل المسبب للوجود الذي ليس منه فيض الوجود وخلقه وهو ما عدا الله تعالى من الأسباب ، فيعبر عنه " ما به الوجود " . ( 3 ) لا يخفى : أن العلل الأربع في كلامه لم تستعمل بمعناها الصحيح ، فإن الفاعل هو المفيض للوجود ، والباني وأمثاله ليس مفيضا . والعلة المادية هي المادة التي هي قوة محضة ، لا مثل الخشب للكرسي . والعلة الصورية هي الصورة الجوهرية المقومة للمادة لا كالشكل للكرسي .