علة وجود الأكبر في الأصغر غير علة نفس الأكبر . والمقتضي لكون البرهان لميا ليس إلا علية الأوسط لوجود الأكبر في الأصغر ، سواء كان علة أيضا لوجود الأكبر في نفسه ، كما في النحو الأول ، أي : البرهان اللمي المطلق ، أو كان معلولا للأكبر في نفسه ، أو كان معلولا للأصغر ، أوليس معلولا لشئ [1] منهما . مثال الأول - وهو ما كان معلولا للأكبر - قولنا : " هذه الخشبة تتحرك إليها النار ، وكل خشبة تتحرك إليها النار توجد فيها النار " فوجود النار أكبر ، وحركة النار أوسط ، والحركة علة لوجود النار في الخشبة ، ولكنها ليست علة لوجود النار مطلقا ، بل الأمر بالعكس ، فإن حركة النار معلولة لطبيعة النار . ومثال الثاني - وهو ما كان معلولا للأصغر - قولنا : " المثلث زواياه تساوي قائمتين ، وكل ما يساوي قائمتين [2] نصف زوايا المربع " فالأوسط ( مساواة القائمتين ) معلول للأصغر ( وهو زوايا المثلث ) . وهو في الوقت نفسه علة لثبوت الأكبر ( نصف زوايا المربع ) للأصغر ( زوايا المثلث ) . ومثال الثالث - وهو ما لم يكن معلولا لشئ [3] من الأصغر والأكبر - نحو : " هذا الحيوان غراب ، وكل غراب أسود " فالغراب - وهو الأوسط - ليس معلولا للأصغر ولا للأكبر ، مع أنه علة لثبوت وصف السواد لهذا الحيوان .
[1] في النسخ : لكل . [2] لا يختص عليك : أن المثلث في هذه القضية ليس موضوعا ، فإن المحكوم عليه إنما هو زوايا المثلث . ومن هنا يعلم أن المبتدأ الذي هو مصطلح الأديب والموضوع الذي اصطلح عليه المنطقي بينهما عموم وخصوص من وجه ، يجتمعان في " زيد " في " زيد قائم " ويفترقان في " زيد " في " ضرب زيد " وكذا في المثال الذي نحن فيه . [3] في النسخ : لكل .