القضايا جاحد فإن الحادس يعجز عن إثباتها له على سبيل المذاكرة والتلقين ما لم يحصل للجاحد نفس الطريق إلى الحدس . وكذلك المجربات والمتواترات لا يمكن إثباتها بالمذاكرة والتلقين ما لم يحصل للطالب ما حصل للمجرب من التجربة وللمتيقن بالخبر من التواتر . ولهذا يختلف الناس في الحدسيات والمجربات والمتواترات وإن كانت كلها من أقسام البديهيات . وليس كذلك الأوليات فإن الناس في اليقين بها شرع سواء ، وكذلك المحسوسات عند من كانوا صحيحي الحواس . ومثلها الفطريات الآتي ذكرها . 6 - الفطريات [1] : وهي القضايا التي قياساتها معها ، أي : أن العقل لا يصدق بها بمجرد تصور طرفيها كالأوليات ، بل لابد لها من وسط ، إلا أن هذا الوسط ليس مما يذهب عن الذهن حتى يحتاج إلى طلب وفكر ، فكلما أحضر المطلوب في الذهن حضر التصديق به لحضور الوسط معه . مثل حكمنا بأن الاثنين خمس العشرة ، فإن هذا حكم بديهي ، إلا أنه معلوم بوسط ، لأن : الاثنين عدد قد انقسمت العشرة إليه وإلى أربعة أقسام أخرى كل منها يساويه . وكل ما ينقسم عدد إليه وإلى أربعة أقسام أخرى كل منها يساويه فهو خمس ذلك العدد . / فالاثنان خمس العشرة .
[1] أي قضايا فطرية أقيستها . فالوصف بحال متعلق الموصوف . كما صرح بذلك في الجوهر النضيد ص 201 .