2 - الحمل : ذاتي أولي ، وشايع صناعي واعلم أن معنى الحمل هو الاتحاد بين شيئين ، لأن معناه : أن هذا ذاك . وهذا المعنى كما يتطلب الاتحاد بين الشيئين يستدعي المغايرة بينهما ليكونا حسب الفرض شيئين ، ولولاها لم يكن إلا شئ واحد ، لا شيئان . وعليه ، لابد في الحمل من الاتحاد من جهة والتغاير من جهة أخرى كيما يصح الحمل ، ولذا لا يصح الحمل بين المتباينين ، إذ لا اتحاد بينهما . ولا يصح حمل الشئ على نفسه [1] إذ الشئ لا يغاير نفسه . ثم إن هذا الاتحاد إما أن يكون في المفهوم ، فالمغايرة لابد أن تكون اعتبارية [2] ويقصد بالحمل حينئذ أن مفهوم الموضوع هو بعينه نفس مفهوم المحمول وماهيته [3] بعد أن يلحظا متغايرين بجهة من الجهات ، مثل قولنا : " الإنسان حيوان ناطق " فإن مفهوم " الإنسان " ومفهوم " حيوان ناطق " واحد إلا أن التغاير بينهما بالإجمال والتفصيل . وهذا النوع من الحمل يسمى " حملا ذاتيا أوليا " [4] . وإما أن يكون الاتحاد في الوجود والمصداق ، والمغايرة بحسب
[1] أي لا يصح الحمل إذا لم يكن هناك إلا شئ واحد ، فإنه لا يصح إلا لواحد من الموضوع والمحمول ، مع أن الحمل يحتاج إلى أمرين : موضوع ومحمول . [2] أي : تكون بحسب ملاحظة القاصد للحمل كأن يلاحظ الشئ تارة إجمالا ، وأخرى تفصيلا كقولنا : الإنسان حيوان ناطق ، أو يلاحظه تارة موضوعا وأخرى محمولا كما في قولنا : الإنسان إنسان . [3] لا يخفى أنه ليس مفاد هذا الحمل ، أن مفهوم الموضوع هو بعينه نفس مفهوم المحمول ، بل مفاده أن الموضوع والمحمول متحدان مفهوما سواء كان الحكم على المفهوم أو على المصداق ، وبعبارة أخرى هو أعم من أن يراد به أن مفهوم الموضوع هو مفهوم المحمول ، أو يراد به أن حقيقة مصداق الموضوع هو حقيقة مصداق المحمول ، أي أن ذاتيهما واحد . [4] يسمى ذاتيا لاختصاص عمل الذات على نفسه ، وأوليا لكون القضايا المشتملة عليه من الأوليات لا تحتاج إلى شئ سوى تصور الموضوع والمحمول والنسبة .