بالطبع على ما هو أخص منه مفهوما ، كحمل الحيوان على الإنسان ، والإنسان على محمد ، بل وحمل الناطق على الإنسان . ويسمى مثل هذا " حملا طبعيا " أي اقتضاه الطبع ولا يأباه . وأما العكس - وهو حمل الأخص مفهوما على الأعم - فليس هو حملا طبعيا بل بالوضع والجعل ، لأنه يأباه الطبع ولا يقبله ، فلذلك يسمى " حملا وضعيا " أو " جعليا " . ومرادهم بالأعم بحسب المفهوم غير الأعم بحسب المصداق الذي تقدم الكلام عليه في النسب ، فإن الأعم قد يراد منه الأعم باعتبار وجوده في أفراد الأخص وغير أفراده ، كالحيوان بالقياس إلى الإنسان وهو المعدود في النسب . وقد يراد منه الأعم باعتبار المفهوم فقط [1] وإن كان مساويا بحسب الوجود ، كالناطق بالقياس إلى الإنسان ، فإن مفهومه أنه شئ ما له النطق من غير التفات إلى كون ذلك الشئ إنسانا أو لم يكن [2] وإنما يستفاد كون الناطق إنسانا دائما من خارج المفهوم . فالناطق بحسب المفهوم أعم من الإنسان وكذلك الضاحك وإن كانا بحسب الوجود مساويين له ، وهكذا جميع المشتقات لا تدل على خصوصية ما تقال عليه ، كالصاهل بالقياس إلى الفرس ، والباغم للغزال ، والصادح للبلبل ، والماشي للحيوان . وإذا اتضح ذلك يظهر الجواب عن السؤال الأول ، لأن المقصود من المحمول في الكليات الخمسة المحمول بالطبع ، لا مطلقا .
[1] والملاك في الأعم والأخص مفهوما هو أخذ مفهوم آخر في مفهومه وعدمه ، فكل مفهوم اخذ فيه مفهوم آخر فهو أخص منه ، وكل مفهوم لم يؤخذ فيه مفهوم آخر فهو أعم . فالإنسان أخص مفهوما من الحيوان ، لأنه أخذ في مفهومه الحيوان ، وكذا الإنسان بالنسبة إلى الناطق . وأما الناطق والحيوان فكل منهما أعم من الإنسان ، لعدم كون الإنسان مأخوذا فيهما جزءا من مفهومهما . ومن هنا يعلم أن كلا من الضاحك والناطق أعم من الآخر ، كما يعلم أن كل مفهوم بالنسبة إلى مفهوم آخر لا يخلو من كونه أعم أو أخص . [2] أو عدمه ، ظ .