نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 51
إسم الكتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ( عدد الصفحات : 438)
نطقوا بالصواب ، وأتوا بالحكمة ، وفصل الخطاب ، وعرّفوا كيف تؤتى البيوت من الأبواب ، فلمّا خذلهم الأوّلون استبهم أمرهم على الآخرين وذلك لأنّه لمّا جرى في الصحابة ما جرى وخدع بهم عامّة الورى أعرض الناس عن الثقلين وتاهوا في بيداء ضلالتهم عن النجدين إلا شرذمة من المؤمنين ، فمكثوا بذلك سنين ، وعمهوا في غمرتهم حتّى حين ، وكان العلم مكتوما وأهله مظلوما ، لا سبيل لهم إلى إبرازه إلا بتعميته وألغازه ، ثمّ خلف من بعدهم خلف غير عارفين الولاية ، ولا ناصبين العداوة ، [ و ] لم يدروا ما صنعوا ، وعمّن أخذوا ، فعمدوا إلى طائفة ممارين من أهل الأهواء [1] ، وقوم مرائين من الجهلاء وزعموا أنّهم من العلماء ، فكانوا يفتونهم بالآراء وذلك لأنّ جملة ما كان عندهم من حديث رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في الحلال والحرام والفرائض والأحكام ليست إلا أربعة آلاف على ما قالوه [1] ولم يكفهم ذلك ، فإذا نزلت حادثة ولم يكن لهم فيها رواية خاضوا في استنباط الحكم فيها بالرأي من أصول وضعوها وقواعد أسّسوها استنادا إلى رواية كانت من اختلاق أئمّتهم ، وافتراء رؤسائهم ، وكانوا وضعوها لترويج أهوائهم قالوا : « إنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم قال لمعاذ بن جبل حين وجّهه إلى اليمن : بم تقضي ؟ قال : بالكتاب ، قال : فما لم يكن في الكتاب ؟ قال : فبالسنّة ، قال : فما لم يكن في السنّة ؟ قال : اجتهدت رأيي ، قال : الحمد للَّه الَّذي فقّه رسول رسوله [2] » وهذه الرواية كذّبها القرآن في آيات كثيرة منها قوله تعالى : « ولا تقف ما ليس لك به علم » [3] وقوله عزّ وجلّ : « إن يتّبعون إلا الظنّ » [4] ، و « إنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئا » [5] ، وقوله تعالى : « وأن تقولوا على اللَّه ما لا تعلمون » [6] ، وقوله جلّ اسمه : « وأن احكم بينهم بما أنزل اللَّه ولا تتّبع أهوائهم » [7] ، وقوله : « إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ
[1] منهاج السنة لابن تيمية ج 4 ص 59 . [2] أخرجه ابن عبد البر في العلم كما في المختصر ص 126 . [3] الاسراء : 36 . [4] الانعام : 116 . [5] يونس : 36 . [6] البقرة : 169 . [7] المائدة : 49 . [1] أي مجادلين أو مشككين من أهل الأهواء الفاسدة .
51
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 51