نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 353
وقيل في تفسير قوله تعالى : « يا يحيى خذ الكتاب بقوّة » [1] أي بجدّ واجتهاد ، وأخذه بالجدّ أن يتجرّد عند قراءته بحذف جميع المشتغلات والهموم عنه . وعن الرضا عليه السّلام « أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول : طوبى لمن أخلص للَّه العبادة والدعاء ، ولم يشتغل قلبه بما ترى عيناه ، ولم ينس ذكر اللَّه بما تسمع أذناه ، ولم يحزن صدره بما أعطى غيره » [2] . قال أبو حامد : « ويروى عن ابن عباس أنّه قال : قال داود عليه السّلام : إلهي من يسكن بيتك ؟ وممّن تقبل الصلاة ؟ فأوحى اللَّه إليه يا داود إنّما يسكن بيتي وأقبل الصلاة ممّن تواضع لعظمتي ، وقطع نهاره بذكري ، وكفّ نفسه عن الشهوات من أجلي ، يطعم الجائع ، ويؤوي الغريب ، ويرحم المصاب ، فذلك يضيء نوره في السماء كالشمس ، إذا دعاني لبّيته ، وإن سألني أعطيته ، أجعل له في الجهل حلما ، وفي الغفلة ذكرا ، وفي الظلمة نورا ، وإنّما مثله في الناس كالفردوس في الجنان لا ييبس أنهارها ولا يتغيّر ثمارها » [3] . ويروى عن حاتم الأصم أنّه سئل عن صلاته ، فقال : إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء وأتيت الموضع الَّذي أريد الصلاة فيه ، فأقعد فيه حتّى يجتمع جوارحي ، ثمّ أقوم إلى صلاتي فأجعل الكعبة بين حاجبي ، والصراط تحت قدمي ، والجنّة عن يميني ، والنار عن يساري ، وملك الموت ورائي ، وأظنّها آخر صلاتي ثمّ أقوم بين الرجاء والخوف وأكبر تكبيرا بتحنّن ، وأقرأ القرآن بترتيل ، وأركع ركوعا بتواضع ، وأسجد سجودا بتخشّع ، وأقعد على الورك اليسرى ، وأفرش ظهر قدمها ، وأنصب قدم اليمنى على الإبهام ، وأتبعها الإخلاص ، ثمّ لا أدري أقبلت منّى أم لا » . وقال ابن عباس : ركعتان مقتصدتان في تفكَّر خير من قيام ليلة والقلب ساه . أقول : الخشوع في الصلاة خشوعان : خشوع بالقلب وهو أن يتفرّغ لجمع الهمّة لها والإعراض عمّا سواها بحيث لا يكون فيه غير المعبود ، قال الصادق عليه السّلام : « إنّما أريد بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة » [4] وخشوع بالجوارح وهو أن يغضّ بصره
[1] مريم : 12 . [2] رواه الكليني - رحمه اللَّه - في الكافي ج 2 ص 16 رقم 3 . [3] رواه البرقي في المحاسن ص 15 دون ذكر داود عليه السّلام عن الصادق عليه السّلام . [4] الكافي ج 2 ص 16 تحت رقم 5 .
353
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 353