responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 306


فيها بغسل الأطراف الظاهرة وتنظيفها لاطَّلاع النّاس عليها ، ولكون تلك الأعضاء مباشرة للأمور الدنيويّة منهمكة في الكدورات الدنيّة ، فلأن يطهّر مع ذلك قلبه الَّذي هو موضع نظر الحقّ تعالى - « فإنّه لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم » ولأنّه الرئيس الأعظم لهذه الجوارح والمستخدم لها في تلك الأمور المبعّدة عن جنابه تعالى وتقدّس - أولى وأحرى ، بل هذا تنبيه واضح على ذلك وبيان شاف لما هنالك ، وليعلم من تطهير تلك الأعضاء عند الاشتغال بعبادة اللَّه تعالى والإقبال عليه والالتفات عن الدّنيا بالقلب والحواسّ لتلقّي السعادة في الآخرة أنّ الدّنيا والآخرة ضرّتان كلَّما قربت من إحداهما بعدت عن الأخرى ، فلذلك أمر بالتطهير منها [1] عند الاشتغال والإقبال على الآخرة ، فأمر في الوضوء بغسل الوجه لأنّ التوجّه والإقبال بوجه القلب على اللَّه به ، وفيه أكثر الحواسّ الظاهرة الَّتي هي أعظم الأسباب الباعثة على مطالب الدّنيا فأمر بغسله ليتوجّه به وهو خال من تلك الأدناس ويترقّى بذلك إلى تطهير ما هو الرّكن الأعظم في القياس ، ثمّ أمر بغسل اليدين لمباشرتهما أكثر أحوال الدّنيا الدنيّة والمشتهيات الطبيعيّة ، ثمّ بمسح الرأس لأنّ فيه القوّة المفكَّرة الَّتي يحصل بواسطتها القصد إلى تناول المرادات الطبيعيّة ، وتنبعث الحواسّ حينئذ إلى الإقبال على الأمور الدنيويّة ، المانع من الإقبال على الآخرة السنيّة ، ثمّ بمسح الرجلين لأنّ بهما يتوصّل إلى مطالبه ويتوسّل إلى تحصيل مآربه على نحو ما ذكر في باق الأعضاء وحينئذ فيسوغ له الدّخول في العبادة والإقبال عليها فائزا بالسعادة ، وأمر في الغسل بغسل جميع البشرة لأنّ أدنى حالات الإنسان وأشدّها تعلَّقا وتملَّكا بالملكات الشهويّة حالة الجماع وموجبات الغسل ، ولجميع بدنه مدخل في تلك الحالة ولهذا قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « إنّ تحت كلّ شعرة جنابة » [1] فحيث كان جميع بدنه بعيدا عن المرتبة العليّة ، منغمسا في اللَّذات الدنيّة كان غسله أجمع من أهمّ المطالب الشرعيّة ليتأهّل لمقابلة الجهة الشريفة والدّخول في العبادة المنيفة ، ويبعد عن القوى



[1] أخرجه أبو داود في سننه ج 1 ص 57 .
[1] في بعض النسخ [ من الدنيا ] .

306

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست