نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 274
والعشق وسائر الأحوال ثلاثة أحوال متفاوتة وإدراكات متباينة ، الأوّل تصديقه بوجوده قبل وقوعه ، والآخر عند وقوعه ، والآخر بعد تصرّمه ، فإن تحقّقك بالجوع بعد الزوال يخالف التحقّق به قبل الزوال ، فكذلك من علوم الدين ما يصير ذوقا فيكمل فيكون ذلك كالباطن بالإضافة إلى ما قبل ذلك ، ففرق بين علم المريض بالصحّة وبين علم الصحيح بها ، ففي هذه الأقسام الأربعة يتفاوت الخلق وليس في شيء منه باطن يناقض الظاهر بل يتمّمه ويكمّله كما يتمّم اللَّب القشر . القسم الخامس أن يعبّر بلسان المقال عن لسان الحال ، فالقاصر الفهم يقف على الظاهر ويعتقده نطقا ، والبصير بالحقائق يدرك السرّ فيه وهذا كقول القائل : قال الجدار للوتد : لم تشقّني ؟ قال : سل من يدقّني فلم يتركني ورائي ، الحجر الَّذي ورائي ، فهذا تعبير عن لسان الحال بلسان المقال ، ومن هذا قوله تعالى : « فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين » [1] فالبليد يفتقر في فهمه إلى أن يقدّر لهما حياة وعقلا وفهما للخطاب وخطابا هو صوت وحرف تسمعه الأرض وتجيب بصوت وحرف وتقول : أتينا طائعين ، والبصير يعلم أنّ ذلك لسان الحال وأنّه نبأ عن كونها مسخّرة بالضرورة ومضطرّة إلى التسخّر ، ومن هذا قوله تعالى : « وإن من شيء إلا يسبّح بحمده » [2] فإنّ البليد يفتقر فيه إلى أن يقدّر للجماد حياة وعقلا ونطقا بصوت وحرف حتّى يقول : « سبحان اللَّه » ليتحقّق تسبيحه ، والبصير يعلم أنّه ما أريد به نطق اللَّسان بل كونه مسبّحا بوجوده ، ومقدّسا بذاته ، وشاهدا بوحدانيّة اللَّه تعالى كما يقال : وفي كلّ شيء له آية * تدلّ على أنّه واحد وكما يقال : هذه الصنعة المحكمة تشهد لصاحبها بحسن التدبير وكمال العلم ، لا بمعنى أنّها تقول : « أشهد » ولكن بالذّات والحال ، فكذلك ما من شيء إلا وهو محتاج في نفسه إلى موجد يوجده ويبقيه ويديم أوصافه ويردّده في أطواره ، فهو بحاجته يشهد لخالقه بالتقديس ، يدرك شهادته ذو والبصائر دون الجامدين على