نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 262
تعالى : « قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا » [1] وقال تعالى في قصّة فرعون : « وما ربّ العالمين - إلى قوله - أو لو جئتك بشيء مبين » [2] وعلى الجملة فالقرآن من أوّله إلى آخره محاجّة مع الكفّار فعمدة أدلَّة المتكلَّمين في التوحيد قوله تعالى : « لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا » [3] وفي البعث قوله عزّ وجلّ : « قل يحييها الَّذي أنشأها أوَّل مرَّة » [4] إلى غير ذلك من الأدلَّة ولم يزل الرّسل يحاجّون المنكرين ويجادلونهم قال تعالى : « وجادلهم بالَّتي هي أحسن » [5] والصحابة أيضا كانوا يجادلون ولكن عند الحاجة وكانت الحاجة إليه قليلة في زمانهم وأوّل من سنّ دعوة المبتدعة بالمجادلة إلى الحقّ عليّ عليه السّلام إذ بعث ابن عبّاس إلى الخوارج يكلَّمهم فقال : ما تنقمون على إمامكم ؟ قالوا : قاتل ولم يسب ولم يغنم ، قال : ذلك في قتال الكفّار أرأيتم لو سبيت عائشة في يوم الجمل فوقعت عائشة في سهم أحدكم أكنتم تستحلَّون منها ما تستحلَّون من ملككم ؟ وهي أمّكم في نصّ الكتاب ؟ فقالوا : لا ، ورجع منهم إلى الطاعة بمجادلته ألفان » [6] . أقول : ومحاجّة الأئمّة المعصومين عليهم السّلام مع الكفّار وأهل الخلاف مشهورة مستفيضة وقد تضمّن نبذا منها كتاب الكافي والاحتجاج للطبرسيّ وغيرهما . قال : « فينبغي أن يقال : كان خوضهم فيه قليلا لا كثيرا وقصيرا لا طويلا وعند الحاجة لا بطريق التصنيف والتدريس واتّخاذه صناعة ، فيقال : أمّا قلَّة خوضهم فكان لقلَّة الحاجة إذ لم تكن البدعة تظهر في ذلك الزمان وأمّا القصر فكانت الغاية إفحام الخصم واعترافه وانكشاف الحقّ فلو طال إشكال الخصم أو لجاجه لطال لا محالة إلزامهم وما كانوا يقدّرون قدر الحاجة بميزان ولا مكيال بعد الشروع فيها ، وأمّا عدم تصدّيهم للتدريس والتصنيف فهكذا كان في الفقه والتفسير والحديث أيضا ، فإن جاز تصنيف
[1] هود : 32 . [2] الشعراء : 30 . [3] الأنبياء : 22 . [4] يس : 79 . [5] النحل : 125 . [6] أشار إليه ابن عبد البر في العلم كما في المختصر ص 162 ، ورواه الطبرسي - رحمه اللَّه - في الاحتجاج ص 100 من طبع النجف .
262
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 262