نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 184
الوحي الصريح الَّذي هو سماع للصوت بحاسّة الأذن ومشاهدة الملك بحاسّة البصر ولذلك أخبر عن هذا بالنفث في الروع ، ودرجات الوحي كثيرة والخوض فيها لا يليق بعلم المعاملة بل هو من علم المكاشفة ولا تظنّنّ أنّ معرفة درجات الوحي تستدعي منصب الوحي إذ لا يبعد أن يعرف الطبيب المريض درجات الصحّة ويعلم الفاسق درجات العدالة وإن كان خاليا عنها فالعلم شيء ووجود المعلوم شيء آخر فما كلّ من عرف النبوّة والولاية كان نبيّا ولا كلّ من عرف الورع والتّقى ودقائقه كان تقيّا ، وانقسام الناس إلى من يتنبّه من نفسه ويفهم وإلى من لا يفهم إلا بتنبيه وتعليم وإلى من لا ينفعه التعليم أيضا ولا التنبيه كانقسام الأرض إلى ما يجتمع فيه الماء ويقوي فينفجر بنفسه عيونا وإلى ما يحتاج إلى الحفر ليخرج إلى القنوات وإلى ما لا ينفع فيه الحفر وهو اليابس وذلك لاختلاف جواهر الأرض في صفاتها فكذلك اختلاف النفوس في غريزة العقل ، ويدلّ على تفاوت العقل من جهة النقل ما روي : « أنّ ابن سلام سأل النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في حديث طويل في آخره وصف عظم العرش وأنّ الملائكة قالت : يا ربّنا هل خلقت شيئا أعظم من العرش ؟ قال : نعم العقل ، قالوا : وما بلغ من قدره ؟ قال : هيهات لا يحاط بعلمه ، هل لكم علم بعدد الرمل ؟ قالوا : لا ، قال : فإنّي خلقت العقل أصنافا شتّى كعدد الرّمل فمن الناس من أعطي حبّة ومنهم من أعطي حبّتين ومنهم الثلاث والأربع ومنهم من أعطي فرقا ومنهم من أعطي وسقا ومنهم أكثر من ذلك » [1] . فإن قلت : فما بال أقوام من المتصوّفة يذمّون العقل والمعقول ؟ فاعلم أنّ السبب في ذلك أنّ الناس نقلوا اسم العقل والمعقول إلى المجادلة والمناظرة بالمناقضات والالزامات وهي صنعة الكلام فلم يقدروا على أن يقرّروا عندهم أنّكم أخطأتم في
[1] الخبر مفصل أورد المجلسي - رحمه اللَّه - في المجلد الرابع عشر من البحار ( طبع الكمباني ) ص 346 نبذا منه من كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار ، وروى المفيد في الاختصاص ص 42 شطرا منه وقال العراقي : أخرجه ابن المحبر من حديث أنس بتمامه والترمذي الحكيم في النوادر مختصرا . والفرق والوسق : مكيال .
184
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 184