responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 183


التفاوت من جهة الشهوة لم يرجع إلى تفاوت العقل وإن كان من جهة العلم فقد سمّينا هذا الضرب من العلم عقلا فإنّه يقوي غريزة العقل فيكون التفاوت فيما رجعت التسمية إليه وقد يكون بمجرّد التفاوت في غريزة العقل فإنّها إذا قويت كان قمعها للشهوة لا محالة أشدّ ، وأمّا القسم الثالث وهو علوم التجارب فتفاوت الناس فيها لا ينكر فإنّهم يتفاوتون بكثرة الإصابة وبسرعة الإدراك ويكون السبب في ذلك إمّا تفاوت في الغريزة وإمّا تفاوت في الممارسة ، أمّا الأوّل فهو الأصل أعني الغريزة فالتفاوت فيه لا سبيل إلى جحده فإنّه مثل نور يشرق على النفس ويطلع صبحه ومبادي إشراقه عند سنّ التمييز ثمّ لا يزال ينمو ويزداد نموّا خفي التدريج إلى أن يتكامل بقرب الأربعين سنة ، ومثاله نور الصبح فإنّ أوائله تخفى خفاء يشقّ إدراكه ، ثمّ يتدرّج إلى الزيادة إلى أن يتكامل بطلوع قرص الشمس ، وتفاوت نور البصيرة كتفاوت نور البصر ، فالفرق يدرك بين الأعمش وبين الحادّ البصر ، بل سنّة اللَّه جارية في جميع خلقه بالتدريج في الإيجاد حتّى أنّ غريزة الشهوة لا ترتكز في الصبيّ عند البلوغ دفعة وبغتة واحدة بل تظهر شيئا فشيئا على التدريج وكذا جميع القوى والصفات ومن أنكر تفاوت الناس في هذه الغريزة فكأنّه منخلع عن ربقة العقل ، ومن ظنّ أنّ عقل النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم مثل عقل آحاد السوادية وأجلاف البواديّ فهو أخسّ في نفسه من آحاد السوادية وكيف ينكر تفاوت الغريزة ولو لاه لما اختلف الناس في فهم هذه العلوم ولما انقسموا إلى بليد لا يفهم بالتفهيم إلا بعد تعب طويل من المعلَّم وإلى ذكيّ يفهم بأدنى رمز وإشارة وإلى كامل ينبعث من نفسه حقائق الأمور دون التعليم « يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار [ نور على نور ] » وذلك مثل الأنبياء عليهم السّلام إذ يتّضح لهم في باطنهم أمور غامضة من غير تعلَّم وسماع ويعبّر عن ذلك بالإلهام وعن مثله عبّر نبيّنا صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم حيث قال : « إنّ روح القدس نفث في روعي أحبب ما أحببت فانّك مفارقه ، وعش ما شئت فانّك ميّت ، واعمل ما شئت فانّك تلاقيه » [1] وهذا النمط من تعريف الملائكة للأنبياء عليهم السّلام يخالف



[1] أخرج الشيرازي في الألقاب من حديث سهل بن سعد نحوه والطبراني في مسنده الأوسط والأصغر من حديث على عليه السّلام . ( المغني ) وفي بعض النسخ « فإنك مجزى به » .

183

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست