نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 165
باليمن جمع فيه سننا مأثورة منثورة مبوّبة ثمّ كتاب الموطَّأ بالمدينة لمالك بن أنس ، ثمّ جامع سفيان الثوريّ ، ثمّ في القرن الرابع حدثت مصنّفات الكلام ، وكثر الخوض في الجدال والخوض في إبطال المقالات ، ثمّ مال الناس إلى ذلك وإلى القصص والوعظ بها ، فأخذ علم اليقين في الاندراس من ذلك الزمان ، فصار بعد ذلك يستغرب علم القلوب والتفتيش عن صفات النفس ومكائد الشيطان وأعرض عن ذلك جميع الناس إلا الأقلَّون فصار يسمّى المجادل المتكلَّم عالما والقاصّ المزخرف كلامه بالعبارات المسجّعة عالما وهذا لأنّ العوام هم المستمعون إليهم فكان لا يتميّز لهم حقيقة العلم عن غيره ولم تكن سيرة الصحابة وعلومهم ظاهرة عندهم حتّى كانوا يعرفون بذلك مباينة هؤلاء لهم فاستمرّ عليهم اسم العلماء ، وتوارث اللَّقب خلفا عن سلف ، وأصبح علم الآخرة مطويّا ، وغاب عنهم الفرق بين العلم والكلام إلا عن الخواصّ منهم حتّى كان إذا قيل لأحدهم : فلان أعلم أم فلان ؟ فكان يقال : فلان أكثر علما وفلان أكثر كلاما ، فكان الخواصّ يدركون الفرق بين العلم وبين القدرة على الكلام ، هكذا ضعف الدين في قرون سالفة فكيف الظنّ بزمانك هذا وقد انتهى الأمر إلى أنّ مظهر الإنكار يستهدف للنسبة إلى الجنون فالأولى أن يشتغل الإنسان بنفسه ويسكت . ومنها أن يكون شديد التوقّي عن محدثات الأمور وإن اتّفق عليها الجمهور فلا يغرنّه إطباق الخلق على ما أحدث بعد الصّحابة وليكن حريصا على التفتيش عن أحوال الصحابة وسيرتهم وأعمالهم وما كان فيه أكثر همّهم أكان في التدريس والتصنيف والمناظرة والقضاء والولاية وتولَّي الأوقاف والوصايا ومال الأيتام ومخالطة السلاطين ومجاملتهم في العشرة ؟ أو في الخوف والحزن والتفكَّر والمجاهدة ومراقبة الظاهر والباطن واجتناب دقيق الإثم وجليله والحرص على إدراك خفايا شهوات النفس ومكائد الشيطان إلى غير ذلك من علوم الباطن . وليعلم تحقيقا أنّ أعلم أهل الزمان وأقربهم إلى الحقّ أشبههم بالصحابة وأعرفهم بطريق السلف فمنهم أخذ الدين فلذلك قال عليّ عليه السّلام : « خيرنا أتبعنا لهذا الدّين » لمّا قيل له خالفت فلانا .
165
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 165