responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 163


الحقّ مرّ ، والوقوف عليه صعب وإدراكه شديد ، وطريقه مستوعر [1] ، لا سيّما معرفة صفات القلب وتطهيره عن الأخلاق المذمومة فإنّ ذلك نزع للروح على الدوام ، وصاحبه ينزل منزلة شارب الدواء يصبر على مرارته رجاء الشفاء ، وينزل منزلة من جعل مدّة العمر صومه فهو يقاسي الشدائد ليكون فطره عند الموت ، ومتى تكثر الرغبة في مثل هذا الطريق ، ولذلك قيل : إنّه كان بالبصرة مائة وعشرون متكلَّما في الوعظ والتذكير ولم يكن من يتكلَّم في علم اليقين وأحوال القلوب وصفات الباطن إلا ستّة وكان يجلس إلى أولئك الخلق الكثير الَّذي لا يحصى ويجلس إلى هؤلاء عدد يسير قلَّما يجاوز العشرة لأنّ النفيس العزيز لا يصلح إلا لأهل الخصوص ، وما يبتذل للعموم فأمره قريب .
ومنها أن يكون اعتماده في علومه علي بصيرته وإدراكه بصفاء قلبه لا على الصحف والكتب ولا على تقليد ما يسمعه من غيره وإنّما المقلَّد صاحب الشرع صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فيما أمر به وقاله ، وإنّما يقلَّد الصحابة من حيث إنّ فعلهم يدلّ على سماعهم من النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم .
أقول : وأمّا نحن معاشر الشيعة فلا نقلَّد الصحابة كلَّهم بل من وصّانا به رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم منهم باتّباعه وإنّما هو أهل بيته المعصومين صلوات اللَّه عليهم أجمعين الَّذين هم أحد الثقلين كيف وقد علمت أنّ في الصحابة منافقين ؟ وأنّه كان يخفى نفاقهم على أنفسهم فضلا عن غيرهم كما مرّ آنفا ، وإنّما نقلَّد أهل البيت عليهم السّلام لعصمتهم وأنّهم أخذوا علمهم عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم خلفا عن سلف من غير اجتهاد من رأيهم ولا تقليد لغيره صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم . قال أبو حامد : « ثمّ إذا قلَّد صاحب الشرع صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في تلقّي أقواله وأفعاله بالقبول فينبغي أن يكون حريصا على فهم أسراره ، فإنّ المقلَّد إنّما يفعل ذلك الفعل لأنّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فعله ، وفعله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لا بدّ وأن يكون لسرّ فيه ، فينبغي أن يكون شديد البحث عن أسرار الأعمال والأقوال فإنّه إن اكتفى بحفظ ما يقال له كان وعاء للعلم ولم يكن عالما ولذلك كان يقال : فلان من أوعية العلم ، وكان لا يسمّى عالما إذا كان شأنه الحفظ من غير اطَّلاع على الحكم والأسرار ، ومن انكشف عن قلبه الغطاء



[1] أي المكان المخوف .

163

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست