نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 154
لا تشكّ في الأمرين جميعا إذ مستندهما التواتر ولكن ترى أحدهما أجلى وأوضح في قلبك من الثاني لأنّ السبب في أحدهما أقوى وهو كثرة المخبرين وكذلك يدرك الناظر هذا في النظريّات المعلومة بالأدلَّة فإنّه ليس وضوح ما لاح له بدليل واحد كوضوح ما لاح بأدلَّة كثيرة مع تساويهما في نفي الشكّ وهذا قد ينكره المتكلَّم الَّذي يأخذ العلم من الكتب والسماع ولا يراجع نفسه فيما يدرك من تفاوت الأحوال ، وأمّا القلَّة والكثرة فذلك بكثرة متعلَّقات اليقين كما يقال : فلان أكثر علما أي معلوماته أكثر ، وكذلك قد يكون العالم قويّ اليقين في جميع ما ورد به الشرع وقد يكون قويّ اليقين في بعضه . فإن قلت : فقد فهمت اليقين وقوّته وضعفه ، وكثرته وقلَّته ، وجلاءه وخفاءه بمعنى نفي الشكّ وبمعنى الاستيلاء على القلب فما متعلَّقات اليقين ومجاريه ؟ وفيما ذا يطلب اليقين ؟ فإنّي ما لم أعرف ما يطلب فيه اليقين لم أقدر على طلبه . فاعلم أنّ جميع ما ورد به الأنبياء عليهم السّلام من أوّله إلى آخره هو من مجاري اليقين فإنّ اليقين عبارة عن معرفة مخصوصة ومتعلَّقة المعلومات الوارد في الشرائع فلا مطمع في إحصائها ولكنّي أشير إلى بعض أمّهاتها فمن ذلك التوحيد وهو أن يرى الأشياء كلَّها من مسبّب الأسباب ولا يلتفت إلى الوسائط ، بل يرى الوسائط مسخّرة لا حكم لها فالمصدّق بهذا موقن فإن انتفى عن قلبه مع الإيمان إمكان الشكّ فهو موقن بأحد المعنيين فإن غلب على قلبه غلبة بحيث أزال منه الغضب على الوسائط والرضا عنهم والشكر لهم ونزّل الوسائط في قلبه منزلة القلم واليد في حقّ المنعم بالتوقيع فإنّه لا يشكر القلم ولا اليد ولا يغضب عليهما بل يراهما آلتين وواسطتين فقد صار موقنا بالمعنى الثاني وهو الأشرف وهو ثمرة اليقين الأوّل وروحه وفائدته ، ومهما تحقّق أنّ الشمس والقمر والنجوم والجماد والنبات والحيوان وكلّ مخلوق فهي مسخّرات بأمره حسب تسخّر القلم في يد الكاتب وأنّ القدرة الأزليّة هي المصدر للكلّ استولى عليه التوكَّل والرضا والتسليم وصار بريئا من الغضب والحقد والحسد وسوء الخلق فهذا أحد أبواب اليقين ومن ذلك الثقة بضمان اللَّه سبحانه للرزق في قوله تعالى : « وما من دابّة في الأرض إلا
154
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 154