responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 119


حال استفادة فيكون مكتسبا ، وحال ادّخار لما اكتسبه فيكون به غنيّا عن السؤال ، وحال إنفاق على نفسه فيكون به منتفعا ، وحال بذل لغيره فيكون به سخيّا متفضّلا وهو أشرف أحواله فكذلك العلم يقتنى كالمال فله حال طلب واكتساب ، وحال تحصيل يغني عن السؤال ، وحال استبصار وهو التفكَّر في المحصّل والتمتّع به ، وحال تبصير وهو أشرف الأحوال فمن علم وعمل وعلَّم فذلك الَّذي يدعا عظيما في ملكوت السماوات فإنّه كالشمس تضيء لغيرها وهي مضيئة وكالمسك الَّذي يطيب غيره وهو طيب والَّذي يعلم ولا يعمل به كالدفتر الَّذي يفيد غيره وهو خال عن العلم ، وكالمسنّ الَّذي يشحذ غيره وهو لا يقطع ، والإبرة الَّتي تكسو غيرها وهي عارية ، وذبالة المصباح تضيء لغيرها وهي تحترق ، وفي مثله قيل :
وما هو إلا ذبالة وقدت * تضيء للناس وهي تحترق ومهما اشتغل بالتعليم فقد تقلَّد أمرا عظيما وخطرا جسيما فليحفظ آدابه ووظائفه .
الوظيفة الأولى الشفقة على المتعلَّمين وأن يجريهم مجرى بنيه ، قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « إنّما أنا لكم مثل الوالد لولده » [1] فإنّ قصده إنقاذهم من نار الآخرة وذلك أهمّ من إنقاذ الوالدين ولدهما من نار الدنيا ، ولذلك صار حقّ المعلَّم أعظم من حقّ الوالدين فإنّ الوالد سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية والمعلَّم سبب الحياة الباقية ولو لا المعلَّم لا نساق ما حصل من جهة الوالد إلى الهلاك الدائم ، وإنّما المعلَّم هو المفيد للحياة الأخرويّة الدائمة أعني معلَّم علوم الآخرة أو علوم الدنيا على قصد الآخرة لا على قصد الدنيا ، فأمّا التعليم على قصد الدنيا فهو هلاك وإهلاك - نعوذ باللَّه منه - ، وكما أنّ حقّ أبناء الرجل الواحد أن يتحابّوا ويتعاونوا على المقاصد فحقّ تلامذة الرجل الواحد التحاب ، ولا يكون إلا كذلك إن كان مقصودهم الآخرة ، ولا يكون إلا التحاسد والتباغض



[1] أخرجه الدارمي ج 1 ص 172 بلفظه عن أبي هريرة ، وأبو داود في سننه ج 1 ص 2 عن سلمان وفيه « انما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم ، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطيب بيمينه » . وأخرجه أيضا ابن ماجة في سننه وابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده والنسائي عن أبي هريرة كما في الجامع الصغير باب الألف ومشكاة المصابيح ج 1 ص 42 .

119

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست