والروحاني جميعا وجاهل بمعنى رجوع النفس إلى الله تعالى على ما وقع في القرآن الكريم . والعجب من أكثر المنتسبين إلى العلم كيف قنعوا بمرتبة العوام والنساء والصبيان ولم يشتغلوا بالبحث عن حقيقة نفوسهم وأنه كيف مآلها وإلى ما ذا يصير حالها مع أنه فرض عليهم وهم معطلين فيه مشتغلين طول عمرهم بكثير من المسائل الفرعية وبعض الخلافيات الفقهية التي ينقضي الأعمار من غير الاحتياج إليها كأحكام الفروعات النادرة من الميراث والطلاق وأحكام الشقوق والاحتمالات البعيدة في الزراعات والمساقاة التي لا يقع واحد منها في أعمار طويلة مع وجود أشخاص في كل زمان يقوم بها . وليس هذه المسائل الخلافية فرض عين لأحد بل كسائر الفروض الكفائية . ثم اعلم أن الاعتقاد في المعاد على هذه الوجه العامي جيد للجهال والعوام ومن لا ينظر في حقيقة الأمور ولا يعرف المبادي اليقينية ولا الغايات الطبيعية الحقيقية . وذلك لأنهم إذا اعتقدوا هذه الرأي في المعاد وتحققوا هذه الاعتقاد يكون ذلك حثا لهم على عمل الخيرات وترك عمل الشرور واجتناب المعاصي وفعل الطاعات وأداء الأمانات وترك الخيانات والوفاء بالعهود وصحة المعاملة والنصيحة فيها وحسن المعاشرة وخصال كثيرة محمودة من هذا القبيل . وأما ما تدين به محققوا الحكماء وأفاضل المليين فهو أن مع هذه الأجساد جواهر أخرى هي أشرف منها وأنور وليست بأجسام بل جواهر مجردة يسمى أرواحا ونفوسا فلا يتصور عندهم أمر البعث ولا يتحققوا أمر القيامة إلا برد تلك النفوس والأرواح إلى تلك الأجساد بعينها أو أجساد أخر مثلها يقوم مقامها يحشرون ويحاسبون بما عملوا من خير أو شر . فكما يفرق بالموت بين الأرواح والأجساد فعند الحشر والإعادة يبعث من في القبور ويحصل ما في الصدور . وهذا الرأي أجود وأقرب إلى الحق وفي هذا الاعتقاد منهم صلاح لهم وانتظام لغيرهم . وأما من كان فوق هذه الطوائف في العلوم والمعارف ولرسوخه في العلم وارتياضه