واحدة بوحدته باقية ببقائه ولا يعتبر فيها باعتبار كونها قوة ومادة للشيء تحصل وتعين في ذاتها وتخصص بحسب نفسها ولهذا يكون شخصية زيد وتعينه باقيا مستمرا في أول صباه إلى آخر شيخوخته مع أن جسميته مما تبدلت وتجددت بحسب الاستحالات والأمراض وكذا جسمية كل عضو من أعضائه وكما أن زيدا بما هو زيد أي مجموع النفس والجسم بالمعنى الذي يكون جنسا لا مادة موجود شخصي مستمر فكذا جسميته وبدنه أيضا من حيث كونه بدنا ومضافا إليه موجود واحد مستمر وإن تبدلت ذاته بذاته لا بحسب نسبته إلى نفس زيد لما علمت أن تشخص المادة بما هي مادة والبدن بما هو بدن إنما هو بالصورة والنفس وكذا تشخص أجزاء المادة وأعضاء البدن بما هي أجزاء وأعضاء يكون بالصورة والنفس . فأتقن هذا حتى ينفعك في كثير من مواضع منها إثبات الحركة الكمية ومنها إثبات الحشر الجسماني وإحياء عظام الموتى وهي رميم ومنها كون شخص من الإنسان حين تجرد نفسه عن المواد والأجرام وحين تعلقها بها واحدا شخصيا مستمرا لا ينافي وحدته الشخصية المستمرة كونه مفردا تارة ومركبا أخرى وترا مرة وزوجا أخرى . الأصل الثالث أن تشخص كل شيء عبارة عن نحو وجوده الخاص به مجردا كان أو ماديا كما حققه المحققون ويستفاد من مؤلفات الحكماء وصرح به المعلم الثاني وغيره من العظماء . وما اشتهر من كون العوارض المادية مشخصات إنما هو بمعنى آخر وهو أن كل شخص مادي يلزمه ما دام وجوده في مادته كمية ما وكيفية ما ووضع ما وأين ما وزمان ما كل منها من حد خاص إلى حد خاص لو تجاوز شيء من تلك الأعراض وخرج عن الحدين المخصوص له انعدم ذلك الشخص . وذلك لاحتياجه في نحو وجوده المادي إلى تلك الأعراض على الوجه المذكور فتلك الأعراض التي من لوازم وجوده وعلامات شخصيته يقال لها الأعراض المشخصة بهذا المعنى . وليس لأحد أن لا يتصور بقاء الشخص بدون تلك الأعراض بل يمكن تصور ذلك بوجه ما إذا فرض