النبي ص أنه قال : إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب . والتائب من الذنب كمن لا ذنب له . . وقد رتب الله على المحبة غفران الذنب فقال : إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله َ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله ُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ . . وقال ص حكاية عن الله تعالى : لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته . . . الحديث . وقد ورد في الحديث : إن الله ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول له اعمل ما شئت فقد غفرت لك . . وما ورد من ألفاظ المحبة في الأحاديث المروية بطريق أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين خارج عن الحصر وكفاك شاهدا كونه ص مسمى ب حبيب الله . وقد علمت أن محبة العبد لله حقيقة وليست بمجاز عن امتثال الأوامر واجتناب النواهي كما زعمته طائفة من المتكلمين كالزمخشري ومن يحذو حذوه . إذ قد بينا أن المحبة وما يرادفها في وضع اللسان عبارة عن الابتهاج بالشيء الموافق سواء كان عقليا أو حسيا حقيقيا أو مظنونا . وبينا أن الواجب تعالى أجمل من كل جميل . فكذلك حب الله تعالى لمخلوقاته حقيقي وليس بمجاز عن إيصال الثواب للطاعات كما زعموا بل أرفع من ذلك . نعم الأسامي كلها إذا أطلقت على الله تعالى وعلى غيره لم يطلق عليهما بمعنى واحد في درجة واحدة . حتى أن اسم الوجود الذي هو أعم الأشياء اشتراكا لا يشمل الواجب والممكن على نهج واحد بل كل ما سوى الله تعالى وجوداتها ظلال وأشباح محاكية لوجود الحق الأول . ومع ذلك ليس إطلاق الوجود على ما سوى الله مجازا لغويا بل مجازا عرفانيا عند أهل الله . وهكذا في سائر الأسامي كالعلم والإرادة والقدرة وغيرها فكل ذلك لا يشبه فيه الخالق الخلق . وواضع اللغات إنما وضع هذه الأسامي أولا للخلق لأنها أسبق إلى العقول والأفهام من الخالق فلهذا وقع السفر منها إليه تعالى . فالمحبة في حق الخلق يصحبها نقص وشين وأما في حق الخالق فهي مقدسة عن القصورات والنقائص والكدورات الإمكانية . وأما البرهان العقلي على وجودها للحق تعالى فلما مرت الإشارة إليه سابقا أن