« فابتكرت طريقة فلسفية جامعة أوجدت انقلاباً فكرياً في تاريخ الفلسفة والعلوم ، ووحّدت بذلك بين الفلسفة والآراء الدينية من ناحية ، وبين الفلسفة والعرفان من ناحية أُخرى ، ودمجت العناصر المشّائية والإشراقية والعرفانية والدينية ، فتكوّن من دمجها ومزجها وتوحيدها فلسفة متعالية يمكن اعتبارها الحضارة الجديدة في التفكير الفلسفي . وابتكار الحكمة المتعالية هذه عملية فكرية سلوكية تعاطاها صدر المتألّهين وأدّى بذلك تكليفه إلى الإنسانية والحضارة وإلى مبدئهما ومبدأ الكلّ » [1] . يقول العلاّمة مطهّري : « إنّ المحقّق إذا طالع بدقّة كتب صدر المتألّهين ووقف على المصادر والمنابع التي كانت قبله يتّضح له - بنحو لا ريب فيه - أنّ فلسفة صدر المتألّهين تعدّ منظومة فلسفية منظّمة ومبتكرة ، ولا يعقل أن تتحقّق مثل هذه المنظومة من خلال الجمع ما بين منظومات مختلفة » [2] بل ومتخالفة . ويقول العلاّمة الطباطبائي : « إن التأمّل الدقيق في الحقائق الدينية والمكاشفات العرفانية وتطبيقها مع الأسس العقلية البرهانية ، هيّأت أرضية جديدة لصدر المتألّهين لكي يحقّق تقدّماً كبيراً في الأبحاث الفلسفية من خلال الروح المتحرّكة الوثابة والمبدعة التي حلّت في الفكر الفلسفي وأخذت موقع السكون والخمود الذي كان يحكمها ، مضافاً إلى النظريات المبتكرة والعميقة التي أضافها للفكر الفلسفي » [3] . وعلى هذا الأساس ، نستطيع القول : إنّ المدرسة الفلسفية التي وضع
[1] مفاتيح الغيب ، صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ، المقدمة ، تعليقات للمولى علي النوري ، صححه وقدّم له محمّد خواجوي ، مؤسسة الدراسات الثقافية : ص مب . [2] مقالات فلسفي ، الأستاذ مطهّري ، منشورات الحكمة : ج 3 ص 75 ( بالفارسية ) . [3] مجموعة مقالات ، مصدر سابق : ج 2 ، ص 6 .