يبقى الكلام في أنّ المدرسة الإشراقية - كما كانت موفّقة في اكتشاف المنابع المتعدّدة للوصول إلى معرفة الأشياء - لم تبتلِ بما ابتُليت بها المدارس السابقة عليها في عملية التطبيق ما بين معطيات الشريعة الحقّة ، وبين ما انتهت إليه من القواعد العقلية ، أو المشاهدات الذوقية ، أو الظواهر الدينية ، حيث إنّنا وجدنا تلك الاتّجاهات جميعها أحادية التفكير وتدور حول محور واحد ، وأصل فارد ، وهذا ما تحرّرت منه المدرسة الإشراقية ؛ إذ استطاعت أن تنطلق من هذه المنابع جميعاً في اكتشاف رؤيتها عن الكون والحياة . ولكن هل حالفها التوفيق في المقام الثاني من البحث أيضاً ، فاستطاعت تأسيس منظومة فلسفية عقلية متقنة تكون قادرة على إثبات كلّ تلك المدعيات التي انتهت إليها في المقام الأوّل ؟ لكي يمكن إعطاء رأي علميّ قائم على أُسس صحيحة ، لا بُدّ من الوقوف على المباني والقواعد العقلية التي أسّستها هذه المدرسة تفصيلاً ، حيث نعلم أنّ السهروردي قد درس الفلسفات السابقة عليه ، وتأمّل في المعطيات العرفانية للعرفاء ، ووقف على القواعد التي يمكن استخلاصها من الدين الإسلامي الحنيف ، فاستخلص منها جميعاً أصولاً وأسساً اعتمدها في فلسفته . ولكن يمكن القول بنحو الإجمال : إنّها لم تستطع أن تحقّق النجاح الذي حقّقته في المقام الأوّل من البحث ، بل كان ذلك من نصيب صدر المتألّهين الشيرازي في الحكمة المتعالية . 6 - سبب التسمية بقي تساؤل لا بُدّ من الإجابة عنه ، وهو : لماذا سمّيت هذه المدرسة ب « الإشراقية » ؟