الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) * [1] ، فإنّ هذه الآيات المباركة تُبيّن وبوضوح أنّ مسألة الاعتقاد بالتوحيد من المسائل التي لا يمكن التصديق بها إلاّ من خلال التعقّل , ولا يعقلها إلا العالمون . وقال أيضاً : * ( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) * [2] فالله تبارك وتعالى يضرب في هذه الآية مثلاً لإيصال فكرة التوحيد إلى أذهان الناس , ولكن تفصيل تلك الحقيقة وبيانها لا ينتفع به إلا أرباب العقول . وأمّا بالنسبة إلى الاعتقاد بالنبوة والإيمان بالشرائع والكتب السماوية ، فقد قال الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيّه الأكرم محمداً « صلى الله عليه وآله » : * ( قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) * [3] فإنّ هذه الآية المباركة صريحة في أنّ الشخص الذي يعقل الأمور وينظر في سيرة الأنبياء ، لا يسعه إلاّ التصديق والاعتقاد بنبوّتهم وأنّهم مبعوثون من قبل الله تعالى لهداية الناس . وفي هذا السياق أيضاً قوله تعالى : * ( لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) * [4] ، فالإنسان العاقل هو الذي يصدّق بالكتاب الذي أنزله