بوجود ذهني مثلاً ، إذ لو كان مفهوم الوجود من هذا القبيل كان ماهيّة دائرة بين الوجودين ، وكانت حقيقة الوجود جائزة الحصول في الذهن ، وقد تقدّم امتناعه ، وأمّا أنّ هذا المفهوم كيف انتزع من حقيقة الوجود وهي لا تحلّ الذهن والذهن لا ينتقل إلى الخارج ؟ فسنوضحه - إن شاء الله - في المباحث الآتية » [1] . وقال بعض المعاصرين في تعليقه على كتاب ( نهاية الحكمة ) للعلاّمة الطباطبائي : « لم نجد في كلمات القوم إشارة إلى كيفيّة انتزاع مفهوم الوجود وتعرّف الذهن عليه ، وإنّما اكتفوا بأنّ مفهومه بديهي التصوّر ، بل هو أوّل التصوّرات البديهيّة وأعرفها ، وإنّما سيّدنا الأستاذ - يعني العلاّمة الطباطبائي - هو أوّل من تعرّض له من فلاسفتنا فيمن نعلم » [2] . والعلاّمة الطباطبائي قد تعرّض لبيان كيفيّة انتزاع مفهوم الوجود في كتابه ( نهاية الحكمة ) بشئ من التفصيل ، حيث قال : « وأمّا المفاهيم التي حيثيّة مصاديقها أنّها في الخارج أو ليست فيه ، فيشبه أن تكون منتزعة من الحكم الذي في القضايا الموجبة وعدمه في السالبة . بيان ذلك : أنّ النفس عند أوّل ما تنال من طريق الحسّ بعض الماهيّات المحسوسة أخذت ما نالته ، فاختزنته في الخيال ، وإذا نالته ثانياً أو في الآن الثاني وأخذته للاختزان ، وجدته عين ما نالته أوّلاً ومنطبقاً عليه ، وهذا هو الحمل الذي هو اتّحاد المفهومين وجوداً ; ثمّ إذا أعادت النفس المفهوم مكرّراً بالإعادة بعد الإعادة ثمّ جعلهما واحداً ، كان ذلك حكماً منها وفعلاً لها ، وهو
[1] الحكمة المتعالية ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ج 1 ص 49 ، الحاشية رقم : ( 1 ) . [2] تعليقة على نهاية الحكمة ، الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي ، مصدر سابق : ص 389 .