الاشتراك المعنوي مع أدلّة إبطال التواطؤ تُثبت التشكيك . وقد أشار المقداد السيوري إلى هذا النحو من الاستدلال لإثبات التشكيك ، في كتابه ( اللوامع الإلهيّة ) ، حيث قال : « وأمّا الثاني - أي كون الوجود مشكّكاً - فلأنّه لولاه لكان مقولاً بالتواطؤ على ما تحته ، وهو باطل ، وإلاّ لزم من وجوب بعض أفراده وجوب الكلّ ، أو من إمكان البعض إمكان الكلّ ; لأنّ الوجود المطلق إن اقتضى الوجوب لزم الأمر الأوّل ، وإن اقتضى الإمكان لزم الأمر الثاني ، وإن لم يقتض شيئاً منهما كان وجوب الواجب لأمر منفصل عن الوجود فلا يكون واجباً ، وهذا خلف » [1] . ولكن سيتّضح في الوجه اللاحق أنّ هذا النحو من الاستدلال غير تامّ ; لأنّه من الخلط بين المفهوم والمصداق . الوجه الثالث : إنّ هذا الدليل كان قائماً على أساس أنّ مفهوم الوجود في حدّ نفسه إمّا أن يقتضي الوجوب أو الإمكان أو لا يقتضي الوجوب ولا الإمكان ، ثمّ حاول أصحاب هذا الدليل إبطال الشقوق الثلاثة ، ولكنّنا في مقام الإجابة عن ذلك نختار الشقّ الثالث ، وهو أنّ مفهوم الوجود لا يقتضي في حدّ ذاته الإمكان ولا الوجوب ، وذلك لأنّ المفهوم بما هو مفهوم أمرٌ انتزاعي وليس له من ذاته إلاّ الإبهام ، ولا يقتضي شيئاً من أحكام الواقع الخارجي ، فهو لا يقتضي الوجوب ولا الإمكان ، وإنّما الذي يقتضي الوجوب أو الإمكان هو منشأ انتزاع المفهوم وهو المصداق ، فإذا كان المصداق هو الوجود الواجبي فهو يقتضي الوجوب ، وإن كان الوجود الإمكاني فهو يقتضي الإمكان ، ومفهوم الوجود إنّما يتّصف بالوجوب أو الإمكان بعرض
[1] اللوامع الإلهيّة ، الفاضل المقداد السيوري ، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي ، قم : ص 88 - 89 .