الدليل الثاني : تغاير إقتضاءات الوجود يستدعي القول بالاشتراك اللفظي لو كان مفهوم الوجود مشتركاً معنويّاً ، فهو لا يخرج عن أحد فروض ثلاثة : الفرض الأوّل : أن يكون مفهوم الوجود مقتضياً - بحسب ذاته - للوجوب ، فتكون المصاديق بتمامها واجبة الوجود في الواقع الخارجي ، وهذا الفرض باطل بالوجدان ; لأنّنا نجد في الخارج أنّ بعض المصاديق ممكنة الوجود . الفرض الثاني : أن يكون مفهوم الوجود مقتضياً - بحسب ذاته - للإمكان ، فتكون المصاديق بتمامها ممكنة الوجود في الواقع الخارجي ، وهذا الفرض باطل أيضاً ; لأنّ البرهان قائم على إثبات واجب الوجود . الفرض الثالث : أن لا يكون مفهوم الوجود مقتضياً - بحسب ذاته - للإمكان ولا للوجوب ، فيكون الإمكان وكذا الوجوب كلاهما خارجين عن حيطة مفهوم الوجود ، ولا تكون مصاديق الوجود حينئذٍ واجبة ولا ممكنة ، بل يكون الوجوب والإمكان زائدين على ذواتها . وهذا الفرض لا يمكن قبوله أيضاً ; لأنّه يستلزم أن لا يكون لدينا مصداق لواجب الوجود بالذات ، إذ الوجوب خارج - بحسب الفرض - عن ذوات مصاديق الوجود ، فيكون الوجوب على فرض وجوده وجوباً بالغير ، وهو يتنافى مع ما ثبت من البرهان على واجب الوجود بالذات . كما أنّ هذا الفرض يستلزم أيضاً البناء على الإمكان بالغير ، لأنّه يفترض أنّ الإمكان زائد على ذوات مصاديق الوجود ، وقد ثبت في محلّه استحالة الإمكان بالغير ، لأنّه يستلزم إمّا الوجوب بالذات أو الامتناع بالذات ، وكلاهما لا يلتئم مع الإمكان .