بأنّ أحكام المفاهيم تسري إلى المصاديق الخارجيّة ، مع أنّ هذا التوهّم باطل بالضرورة ; وذلك لأنّ المفاهيم موجودة بوجود ذهني والمصاديق موجودة بوجود خارجي ، وهذا الاختلاف الحاصل بين الوجودين يؤدّي بالضرورة إلى اختلاف الأحكام الثابتة لكلّ واحد منهما ، وما ذكره الفلاسفة من الوحدة والعينيّة بين المفهوم والمصداق إنّما هو بحسب الدلالة والحكاية ، لا بحسب الوجود . إذن فالقول بوحدة المفهوم واشتراكه المعنوي لا يؤدّي إلى القول بتماثل المصاديق ، كما أنّ القول باختلاف المصاديق وتمايزها لا يؤدّي إلى القول باختلاف المفهوم وتعدّد معناه ، فالتماثل بين الواجب والممكن مثلاً بحسب المفهوم لا يستلزم التماثل بينهما بحسب المصداق . ومن هنا لا بدّ أن يُعلم ; بأنّ الوحدة المفهوميّة بين الواجب والممكن لا توجب كمالاً في الممكن ولا نقصاً في الواجب ، وإنّما مرجع النقص والكمال إلى التمايز المصداقي في الخارج . وقد أشار إلى هذا الجواب عن الدليل الأوّل الحكيم السبزواري في شرح المنظومة ، حيث قال : « وبالجملة جميع ما سمعنا عن كثير من المعاصرين ، مغالطة من باب اشتباه المفهوم بالمصداق » [1] . وقال العلاّمة الطباطبائي في هذا المجال : « والحقّ - كما ذكره بعض المحقّقين - أنّ القول بالاشتراك اللفظي من الخلط بين المفهوم والمصداق ، فحكم المغايرة إنّما هو للمصداق ، دون المفهوم » [2] .
[1] شرح المنظومة ، قسم الحكمة ، الحكيم السبزواري ، مصدر سابق : ص 17 . [2] نهاية الحكمة ، محمّد حسين الطباطبائي ، مصدر سابق : ص 9 .