ومفاد كان التامّة ، كما في قولنا : زيد موجود ، فإنّ المحمول وهو ( موجود ) معنى مستقلّ ومحمول على زيد بنحو كان التامّة ، ويقابله في اللغة الفارسيّة لفظ ( هست ) ، حيث يقال : ( زيد هست ) أي موجود . وأمّا الثاني فهو الوجود الرابط ومفاد كان الناقصة ، كما في قولنا : زيد كاتب ، فإنّه بالإضافة إلى وجود الموضوع والمحمول توجد هيئة خاصّة تربط بين زيد والكتابة وهي ثبوت الكتابة لزيد ، ولا يوجد في اللغة العربيّة لفظ خاصّ يقابل هذا النحو من الوجود ، وإنّما هو هيئة تُفهم من العلاقة بين زيد والكتابة ، ولكن يوجد هناك لفظ خاصّ يقابل هذا النحو من الوجود في اللغة الفارسيّة وهو لفظ ( است ) في قولنا : ( زيد كاتب است ) ، فإنّ هذا اللفظ إشارة إلى هيئة الربط الخاصّة في اللغة العربيّة ، ويمكن أن يُضاف لفظ ( هو ) في اللغة العربيّة للإشارة إلى هذا النحو من الوجود الرابط بين معنيين مستقلّين وهما الموضوع والمحمول ، فيُقال : زيد هو كاتب ، فإنّ ضمير ( هو ) في هذه الجملة وإن كان واجب الإضمار ، إلاّ أنّه في قوّة الموجود ويشير إلى الوجود الرابط . والاستدلال في المقام يرتكز على هذا النحو الثاني من الوجود ، وهو الوجود الرابط ، فإنّه مشترك معنوي في جميع القضايا ، فعندما يُقال : زيد قائم ، وعمرو نائم ، وخالد كاتب ، فإنّ الوجود الرابط في هذه القضايا واحد ، وهو إثبات المحمول للموضوع واتّحادهما وجوداً ، ولا معنى لأن يكون هذا النحو من الوجود مختلفاً باختلاف الموضوعات والمحمولات ، فهو واحد ومشترك معنوي بين جميع تلك القضايا وليس الاختلاف بينها إلاّ من جهة اختلاف الموضوعات والمحمولات ، فإنّ الرابط الذي يُفيد إثبات شئ لشئ واحد في الجميع .