و « النبوّة » و « الإمامة » ونحوها . وهذه هي الرؤية الكونية التي أشرنا إليها في مقدّمة هذه الأبحاث ، وقلنا إنّ هناك علاقة وطيدة بينها وبين الآيديولوجية . يقول الشيخ مصباح اليزدي : « إن علاقة العلوم الفلسفية بالبعد المعنوي للإنسان أقرب من علاقة العلوم الطبيعية ، وإن كانت العلوم الطبيعية أيضاً ترتبط بالبعد المعنوي للإنسان بفضل العلوم الفلسفية ، وتتجلّى هذه العلاقة في معرفة الله ثمّ في معرفة النفس الإنسانية وفلسفة الأخلاق أكثر من أيّ مجال آخر ، وذلك لأنّ الفلسفة الإلهية تعرِّفنا على الله سبحانه وتعالى وعلى صفات الجمال والجلال التي يتميّز بها ، فتهيّئ لنا الأرضية للاتّصال بمنبع العلم والقدرة والجمال اللا نهائي . وعلم النفس الفلسفي ييسّر لنا معرفة الروح وصفاته وخصائصه ، ويعرّفنا جوهر الإنسانية ويوّسع رؤيتنا بالنسبة لحقيقة أنفسنا ويهدينا إلى ما وراء الطبيعة ووراء الحدود الضيّقة للزمان والمكان ، ويفهمنا أنّ حياة الإنسان ليست محدودة في الإطار الضيّق والمظلم للحياة المادّية والدنيوية . وفلسفة الأخلاق وعلم الأخلاق يبيّنان لنا الطرق العامّة لتجميل الروح وتنظيف القلب وكسب السعادة الأبدية والكمال النهائي . ولكنّ الظفر بجميع هذه المعارف القيّمة التي لا بديل لها ، يتوقّف على حلّ مسائل علم المعرفة وعلم الوجود . إذن : الفلسفة الأولى هي مفتاح خزائن عظيمة لا تنفد ، تبشّر بسعادة وتمتّع خالد ، وهي غصن مبارك من الشجرة الطيّبة ، التي تحمل ألوان الفضائل العقلية والروحية والكمالات المعنوية الإلهية اللا نهائية ، وتقوم بأعظم الأدوار في تهيئة الأرضية لتكامل الإنسان وتعاليه » [1] .
[1] المنهج الجديد في تعليم الفلسفة ، مصباح اليزدي ، مصدر سابق : ج 1 ص 62 .