محتاجة لبعضها في وجودها وبقائها ، وتربط بينها علاقة الفعل والانفعال ، والتأثير والتأثّر ، والعلّية والمعلولية ، فيترتّب على ذلك كلّه أن جميع الموجودات التي ينالها حسّ الإنسان وتجربته تتّصف بالزوال ، فلا بدّ إذن من وجود موجود آخر يستحيل عليه الزوال ولا سبيل للعدم والنقص إليه . يضاف إلى ذلك : ما يبحث في أن نطاق الوجود ليس منحصراً في الموجودات المادّية والمحسوسة ، وليس مقصوراً على الموجودات المتغيّرة والمتحوّلة والمتحرّكة ، وإنّما هناك أنواع أخرى من الموجودات التي لا تتميّز بهذه الخصائص ، وعليه فلن تكون محتاجة إلى الزمان والمكان ، فإن البحث حول هذا الأمر والاعتقاد به يؤدّي إلى تقسيم الموجود إلى المادّي والمجرّد ، والثابت والمتغيّر ، وواجب الوجود وممكن الوجود . . . وما لم يتمّ حلّ هذه المسائل ولم يثبت - مثلاً - وجود الواجب والمجرّدات ، فإنّ الأساس الذي تستند إليه بعض العلوم من قبيل معرفة الله ومعرفة النفس الإنسانية سيكون واهياً . وعلى هذا فقد اتّضح أنّ هناك عدداً من المسائل المهمّة والأساسية مطروحة أمام الإنسان ، ولا يستطيع أيّ علم من العلوم الخاصّة أن يقدّم الجواب عليها ، بل لا بد من وجود علم آخر يتناول البحث فيها ( وهو الميتافيزيقيا أو العلم الكلّي أو الفلسفة الأولى ) لا يختصّ موضوعه بأيّ نوع من أنواع الموجودات أو الماهيات المتعيّنة المشخّصة [1] . ومن خلال الوقوف على المسائل الأساسية للتوحيد و « الإلهيات بالمعنى الأخصّ » يمكن الانتهاء إلى الأصول الأساسية الأخرى وهي « المعاد »
[1] المنهج الجديد في تعليم الفلسفة ، محمد تقي مصباح اليزدي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة : ج 1 ص 92 .