والصورة الخارجية ، فما لا مادّة ولا صورة خارجيّة له لا يعقل أن تكون له مادّة وصورة عقلية . والحاصل : إنّ حصر العلوم الحقيقيّة بثلاثة أقسام - هي الإلهيّات والرياضيّات والطبيعيّات - حصر عقليّ ، ولا يمكن أن نتصوّر فرعاً من فروع الحكمة النظرية البرهانية خارجاً عن تلك الأقسام ، وهذا ما ذكره الآملي مفصّلاً في تعليقته على المنظومة ، فلاحظ [1] . وهذه العلوم الثلاثة في الحكمة النظرية تشترك في حيثيّة واحدة وهي جريان البرهان فيها ، فهي مشتركة من حيث المنهج والأسلوب في تحقيق مسائلها ، ومختلفة في طبيعة موضوعاتها . فموضوع الفلسفة هو الموجود من حيث هو موجود ، ويُبحث في مسائله عن تمييز ما هو موجود عمّا هو معدوم ، أي البحث عن كان التامّة للأشياء ، كالبحث في وجود المبدأ والمعاد والعقل والنفس ونحو ذلك . وموضوع الرياضيات هو الكم ، ويُبحث في مسائله عن أحوال ذلك الموضوع بنحو كان الناقصة . كما أنّ موضوع الطبيعيّات هو الجسم ، ويُبحث فيه أيضاً عن أحوال وعوارض ذلك الموضوع وعوارض الكمّ والجسم في الرياضيّات والطبيعيّات كلّها أحكام ومحمولات الشئ من جهة ماهيّته لا من حيث وجوده ، فالعوارض الرياضيّة مرتبطة بالكمّ وهو من الماهيّات الخاصّة ، كما أنّ العوارض الطبيعيّة مرتبطة بالجسم ، والجسميّة أيضاً ماهيّة من الماهيّات . فالبحث عن الوجود وأحكامه بحث إلهيّ فلسفي ، وأمّا البحث في الرياضيّات والطبيعيّات فهو بحث في
[1] درر الفوائد ، محمّد تقي الآملي ، مصدر سابق : ج 1 ص 6 .